ثم إن ظاهر كلامهم هنا لاتفاق على الاكتفاء بالقبول الفعلي، وإن اختلفوا فيه في غيره من العقود سيما العقود اللازمة كما تقدم ذكره في جملة من العقود، وذلك بأن يوكله في البيع أو الشراء، فيبيع أو يشتري من غير لفظ يدل على القبول، قالوا: والوجه في ذلك أن المقصود عن الوكالة الاستنابة، والإذن في التصرف، وهو إباحة ورفع حجر، فأشبه إباحة الطعام، ووضعه بين يدي الأكل، فإنه لا يفتقر إلى القبول اللفظي بقي الكلام في أن ظاهر ما قدمنا نقله عنه من قوله " وكل فعل يدل على القبول " إلى آخره يدل على أن القبول الفعلي هو فعل ما تعلقت به الوكالة، وهو الذي صرح به غيره من الأصحاب أيضا " إلا أنه قال بعد هذا الكلام والقبول يطلق على معنيين: أحدهما الرضا والرغبة فيما فوض إليه، ونقيضه الرد، والثاني اللفظ الدال عليه على النحو المعبر في البيع، وسائر المعاملات، ويعتبر في الوكالة القبول بالمعنى الأول، حتى لو رد وقال: لا أقبل أو لا أفعل، بطلت الوكالة ولو ندم وأراد أن يفعل أو يرجع، بل لا بد من استيناف إذن جديد مع علم الموكل، لأن الوكالة جائزة من الطرفين، يرتفع في الالتزام بالفسخ انتهى.
وظاهر هذا الكلام أنه لا يكفي مجرد الفعل لما تعلقت به الوكالة، بل لا بد من اقترانه بالرضا والرغبة ووقوعه قبل أن يرد، ومقتضى الكلام الأول هو صحة الوكالة متى فعل ما وكل به لأن بذلك يحصل القبول، وينضم إلى الإيجاب المتقدم وإن رد أولا، وقال: لا أقبل، والفسخ إنما يكون بعد تمام العقد بالقبول، وما لم يفعل أو يقبل باللفظ فلا معنى للفسخ، لعدم حصول العقد.
ويؤيد ما ذكرناه عموم أدلة الوكالة مثل قوله عليه السلام (1) " الوكالة ثابتة حتى يعلمه بالخروج منها كما أعلمه بالدخول " على أن انعزاله بعزله نفسه بعد تمام