الورثة بدين فليس له ذلك، وحمله الشيخ في التهذيبين تارة على التقية، وأخرى على المتهم، وما زاد على الثلث.
أقول: ما تضمنه من النهي عن الوصية للوارث فلا ريب في حمله على التقية، لأن ذلك مذهب الجمهور، وأخبارنا المعتضدة باتفاق أصحابنا دالة على الجواز كما تقدم تحقيقه في المسألة المذكورة من المقصد الأول، وأما المنع من الاقرار بالدين فهو يتعين الحمل على أحد الحملين، والله العالم.
المسألة الثالثة: اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في أن من مات ولا وارث له، هل له أن يوصي بجميع ماله إلى من شاء أم لا؟ فذهب الشيخ في الخلاف وابن إدريس والعلامة في المختلف إلى الثاني، وذهب ابن الجنيد والصدوق في المقنع وهو ظاهر الشيخ في كتابي الأخبار إلى الأول، وهو ظاهر المحدثين المحسن الكاشاني في الوافي والحر العاملي في الوسائل، وهو المختار.
وقال في المختلف: قال الشيخ في الخلاف: من ليس له وارث قريب أو بعيد، ولا مولى نعمة لا يصح أن يوصي بأكثر من الثلث، وذهب أبو حنيفة وأصحابه وشريك، إلى أن له أن يوصي بجميع ماله، وروي ذلك في أحاديثنا، ثم استدل بصحة الوصية بالثلث اجماعا ولا دليل على الزائد، وروى معاذ بن جبل (1) " عن النبي (صلى ا لله عليه وآله وسلم) أنه قال: إن الله تعالى تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في حسناتكم " ولم يفرق بين أن يكون له وارث أم لا، وقال ابن إدريس أيضا: لا يصح إلا في الثلث، وقال ابن الجنيد: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام (2) أنه قال: " ومن أوصى بالثلث فقد بلغ المدى " يعني بذلك إذا كان له ورثة ومن تجاوز ذلك إلى الثلث لم يجز إلا أن تشاء الورثة، فأما من لا وارث له فجائز أن يوصي بجميعه لمن شاء، وفيما شاء مما أبيح الوصية فيه،