عند الحاكم جواز كذب المدعي في دعواه، فنيطت بالبينة شرعا "، وعلمه بدينه أقوى من البينة التي يجوز عليها الخطأ، ولأنه بقضاء الدين محسن (1) " وما على المحسنين من سبيل " قال: وبهذا يظهر الفرق بين دين الموصي وغيره، حيث لا يعلم به الوصي، وعلى تقدير علمه يمكن تجدد البراءة منه، فلا بد من اثباته، حتى باليمين مع البينة بذلك، انتهى.
والأولى جعل ذلك وجها للنصوص الدالة على جواز الأخذ والمقاصة للوصي الذي هو أحد أفراد تلك القاعدة، فإنها هي الأصل في اثبات الحكم المذكور.
تذنيب:
قد ظهر مما قررناه أنه متى كان الوصي متحدا " فإن الظاهر كما هو المشهور أنه يجوز له استيفاء دينه عملا " بروايات تلك القاعدة المشهورة.
بقي الكلام فيما لو كان الدين لغيره، وهو عالم به، بمعنى أنه سمع اقرار الموصي به قبل الموت بزمان لا يمكن فيه القضاء، ويكون المستحق من لا يمكن في حقه الابراء، كالطفل مثلا والمسجد ونحوهما، فإن ظاهر الأصحاب أن للوصي أداء الدين المذكور، أما لو كان أصحاب الدين كبارا " يمكن الابراء في حقهم، فلا بد من احلافهم على بقائه، وإن علم به سابقا، إلا أنهم (رضي الله عنهم) صرحوا بأنه لا يكفي احلاف الوصي إياهم، إلا إذا كان مستجمعا " لشرائط الحكم، بمعنى كونه فقيها " جامع الشرائط، وصرحوا بأنه ليس للحاكم أن يأذن له في التحليف، بناء على علمه بالدين، بل لا بد من ثبوته عند الحاكم، لأن الحكم لا يجوز لغير أهله، نعم له بعد ثبوته عنده بالبينة توكيله في احلافهم.
أقول: وعلى هذا تخرج المسألة عن الاكتفاء بعلم الموصي في جواز أداء الدين العالم به، وتبقى ثمرة ذلك في تولية تحليفهم.