تقوم العين بما لها من المنافع مع صلاحيتها لما ذكرناه من المنافع المعدودة في كل بنسبته، فإذا قيمتها على الأول مائة درهم، وعلى الثاني عشرة دراهم، علم أن قيمة المنفعة الموصى بها تسعون، فيجب أن يكون مع الورثة ضعفها، ومن جملته الرقبة بعشرة، قال في المسالك، وهذا هو الأصح.
وثالثها تقويم المنفعة على الموصى له فتحسب من الثلث، وأما الرقبة فلا تقوم على الموصى له، ولا على الورثة، أما الموصى له فظاهر، لأنها ليست له وأما الوارث فللحيلولة بينه وبينها، وسلب قيمتها بسلب منافعها فكأنها تالفة.
ومنه يعلم وجه الاحتياج على القول المذكور، ومرجعه إلى أن الرقبة لا قيمة لها من حيث سلب منافعها، فتكون من قبيل الحشرات ونحوها مما لا قيمة فيه، وما لا قيمة له لا معنى لاحتسابه على أحد، وفيه ما عرفت في توجيه القول الثاني.
تذنيب:
يشتمل على مسئلتين: الأولى: قالوا: إذ أوصى بخدمة عبد بعد مدة معينة، فنفقته على الورثة، لأنها تابعة للملك. ولا اشكال في الحكم المذكور لو كانت المنفعة الموصى بها معينة بوقت، ولا ريب ولا خلاف في بقاء العين على ملك الورثة، والنفقة تابعة للملك.
وإنما الكلام فيما إذا كانت المنفعة الموصى بها مؤبدة، فمن الذي تلزمه نفقة العبد، قيل: فيه وجوه.
أحدها وهو اختياره في المسالك أنه الوارث، لما ذكر من أنها تابعة للملك، والوراث هو المالك للرقبة، وهذا القول يتفرع على القول الثاني من الأقوال الثلاثة المتقدمة، ولهذا أنه في المسالك اختار هنا كونها على الوارث الذي هو المالك، لاختياره في ذلك القول بتقويم العين على الورثة، وأنها تكون ملكا لهم.