وفي كل واحد من القولين نظر، لأن الذاهب إلى التخيير بين الثلاثة يتعرف باطلاق اسم القوس على الخمسة، ولكن يدعي غلته في الثلاثة عرفا، وبذلك يقتضي اتباع العرف في ذلك، وهو يتلف باختلاف الأوقات والأصقاع، ولا ريب أن المتبادر في زماننا هو القوس العربية خاصة، وقوس الحسبان لا يكاد يعرفه أكثر الناس، ولا ينصرف إليه فهم أحد من أهل العرف، فمساواته للأولين بعيد، ونظر ابن إدريس إلى الاطلاق اللغوي جيد، ولكن العرف مقدم عليه.
والأقوى أنها إن وجدت قرينة تخصص أحدها حمل عليه، مثل أن يقول:
أعطوه قوسا يندف به، أو يعيش به وشبهه، فينصرف إلى قوس الندف، أو قوس يغزو به، فيخرج قوس الندف والبندق إن لم يكن معتادا " في الغزو، وإن انتفت القرائن اتبع عرف بلد الموصي، فإن تعدد تخير الوارث، ولو قال: أعطوه ما يسمى قوسا " ففي تخيره بين الخمسة، أو بقاء الاشكال كالأول وجهان: أجودهما الأول، انتهى.
أقول: ومما يؤيد الاشتراك بين المعاني الخمسة لغة ما ذكره في كتاب المصباح المنير حيث قال: وتضاف القوس إلى ما يخصصها، فيقال: قول ندف، وقوس جلاهق، وقوس نبل وهي العربية، وقوس النشاب وهي الفارسية، وقوس الحسبان بقي الكلام في أنه هل يدخل الوتر في اطلاقه، فلو قال أعطوه قوسا فهل يصدق مع عدم الوتر أم لا؟ اشكال، قيل: بالدخول. فإنه لا يصدق إلا به، لأن المقصود منه لا يتم إلا به، فهو كالفص بالنسبة إلى الخاتم، والغلاف بالنسبة إلى السيف، بل أولى، لأنه بدونه بمنزلة العصا، وقيل: بالعدم نظرا إلى أن الظاهر الصدق بدونه عرفا، وعلى هذا فالأجود الرجوع إلى العرف أو القرينة، وإلا فلا يدخل.