بما فعل فقال: إن كان لا يبلغ أن يحج به من مكة فليس عليك ضمان، وإلا فأنت ضامن، وقد قرره عليه السلام على الصدقة مع عدم بلوغ الحج به من مكة، ولم يحكم ببطلان الوصية، والرجوع ميراثا "، وربما قيل: بالرجوع هنا ميراثا كما نقله بعض مشايخنا، والنص المذكور يرده.
ومن ذلك ما رواه المشايخ الثلاثة (رضي الله عنهم) عن مثنى (1) " قال: سألته عن رجل أوصى له بوصية فمات قبل أن يقبضها ولم يترك عقبا، قال: اطلب لها وارثا أو مولى فادفعها إليه، قلت: فإن لم أعلم له وارثا؟ قال: اجهد على أن تقدر له على ولي، فإن لم تجده وعلم الله منك الجهد، فتصدق بها ".
والتقريب فيه ما تقدم من أنه مع تعذر التنفيذ فيما أوصى به يرجع إلى الصدقة، والخبر المذكور محمول إما على موت الموصي بتلك الوصية، ثم موت الموصى له قبل الدفع له، أو على بقاء الموصي مع عدم الرجوع في الوصية إلى أن مات، وقد تقدم الكلام في هذه المسألة، ومما يلائم ذلك أيضا ما ورد (2) فيمن أوصى أن يعتق عنه نسمة بخمسمائة درهم، فاشتريت بأقل فإنها تعطى الباقي وتعتق، إلى غير ذلك من المواضع التي يقف عليها المتتبع.
ومنها ما لو أوصى بسيف معين وهو في جفن، فإن يدخل الجفن والحلية في الوصية وكذا لو أوصى بصندوق فيه ثياب أو سفينة وفيها متاع أو جراب وفيه متاع، فإن الوصية تكون شاملة للجميع، وهذا هو المشهور بين الأصحاب متقدميهم ومتأخريهم، وقال الشيخ في النهاية بذلك أيضا " إلا أنه قيده يكون الموصي عدلا مأمونا، فإن لم يكن عدلا وكان متهما لم تنفذ وصيته في أكثر من ثلثه من الصندوق، والسفينة والجراب وما فيها.