الشرط المذكور، مدعيا " عليه الاجماع، وفي القواعد استشكل الحكم بالبطلان، ومنشأ الاستشكال المذكور كما ذكره في المسالك من بناء الوقوف على اللزوم، فإذا شرط نقله عن الموقوف عليهم إلى غيره فقد شرط خلاف مقتضاه، فيبطل الشرط والعقد، ومن عموم (1) " المؤمنون عند شروطهم " وقول العسكري عليه السلام (2) المتقدم ذكره " من أن الوقف على حسب ما يوقفها أهلها " وأنه يجوز الوقف على أولاده سنة، ثم على المساكين.
أقول: قد عرفت ضعف الوجه الثاني من الاستدلال بالخبرين المذكورين وأما جواز الوقف على أولاده سنة ثم على المساكين، فصحته متوقفة على قيام دليل عليه، ومع تسليم صحته، فوجه الفرق ظاهر، لأن مقتضى ما نحن فيه هو أنه بالوقف عليهم يلزم بقاؤه ما وجدوا كما هو مقتضى الوقف، وشرط النقل مناف له، وأما الوقف على أولاده سنة فليس كذلك، لأنه إنما وقف عليهم مدة معينة، فلا ينافيه التعقيب بالوقف على المساكين.
وبما ذكرنا يظهر لك ما في دعواه في التذكرة الاجماع على الصحة، مع استشكاله في القواعد، وأما ما قيل في تعليل الصحة زيادة على ما ذكر من أنه يصح الوقف باعتبار صفة للموقوف عليه كالفقر، فإذا زالت انتقل عنه إلى غيره إن شرط، وهو في معنى النقل بالشرط، ونقل عن الدروس أنه استقر به.
ففيه أولا " ما عرفت في غير موضع من أن بناء الأحكام الشرعية على مثل هذه الاعتبارات الوهمية والتخريجات العقلية، مع استفاضة الآيات والأخبار بالمنع من القول بغير علم ودليل واضح من كتاب أو سنة مجازفة محضة في الأحكام الشرعية، نسئل الله سبحانه المسامحة لنا ولهم من زلل الأقدام، وهفوات الأقلام.