ونحوها رواية أحمد بن إسحاق الأبهري، ويعضدهما رواية إبراهيم بن محمد الهمداني (1) قال: " كتبت إليه: يسقط على ثوبي الوبر والشعر مما لا يؤكل لحمه من غير تقية ولا ضرورة؟ فكتب لا تجوز الصلاة فيه " ويؤكد ذلك ما دل على النهي عن الصلاة في ذلك خصوصا وعموما.
ونقل في المختلف عن الشيخ الاستدلال على الجواز - كما ذهب إليه في المبسوط - بأنه قد ثبت للتكة والقلنسوة حكم مغاير لحكم الثوب من جواز الصلاة فيهما وإن كانا نجسين أو من حرير محض فكذا يجوز لو كانا من وبر الأرانب وغيرها. ثم أجاب عنه بالفرق بين الأمرين وأحاله على ما بينه في ما مضى.
أقول: والأظهر الاستدلال للشيخ على هذا القول بصحيحة محمد بن عبد الجبار المتقدمة قريبا وقوله فيها بعد السؤال عن تكة تعمل من وبر الأرانب " وإن كان الوبر ذكيا حلت الصلاة فيه ".
وأجاب الشهيد في الذكرى عن هذه الرواية (أولا) بأنها مكاتبة. و (ثانيا) بأنها تضمنت قلنسوة عليها وبر فلا يلزم منه جوازها من الوبر. ونحوه المحقق في المعتبر أيضا.
وأنت خبير بما فيه فإن المكاتبة لا تقصر عن المشافهة متى كان المخبر عن كل من الأمرين ممن يوثق به ويعتمد عليه. وأما قوله - وقبله المحقق كما أشرنا إليه - بأنها إنما تضمنت قلنسوة عليها وبر... الخ فعجيب غاية العجب فإن الرواية وإن تضمنت ذلك لكنها أيضا تضمنت التكة المعمولة من الوبر والجواب وقع عن الأمرين.
وبالجملة فتعارض الأخبار المذكورة ظاهر لا ينكر والأظهر عندي في الجمع هو حمل خبر الجواز على التقية لاستفاضة الأخبار بالمنع عموما وخصوصا عما لا يؤكل لحمه، والجمع بالحمل على الكراهة - كما عليه من ذهب إلى الجواز كما يظهر من المدارك ومثله المحقق في المعتبر - قد عرفت ما فيه في غير مقام مما تقدم.