وموثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) " أنه سئل عن الرجل يستقيم له أن يصلي وبين يديه امرأة تصلي؟ قال لا يصلي حتى يجعل بينه وبينها أكثر من عشرة أذرع، وإن كانت عن يمينه أو عن يساره جعل بينه وبينها مثل ذلك وإن كانت تصلي خلفه فلا بأس وإن كانت تصيب ثوبه... الحديث ".
وروى في كتاب قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) (2) قال: " سألته عن الرجل يصلي الضحى وإمامة امرأة تصلي بينهما عشرة أذرع؟ قال لا بأس ليمض في صلاته ".
أقول: إن المستفاد من هذه الأخبار بعد ضم مجملها إلى مفسرها ومطلقها إلى مقيدها أن الواجب في صلاة الرجل مع المرأة في مكان دفعة أن المرأة إن كانت متقدمة فلا بد من حاجز أو قدر عشرة أذرع فصاعدا، وهكذا إذا كانت إلى أحد جانبيه محاذية له في الموقف فلا بد من أحد الأمرين، وأما مع تأخرها ولو بشئ من المقادير المذكورة في تلك الأخبار فإنه لا بأس وصلاة كل منهما صحيحة ولا يشترط هنا أزيد من ذلك.
وبذلك يظهر ما في كلامه في المدارك وكذا من تبعه حيث قال بعد نقل الأخبار التي أشرنا إلى أنه استدل بها. ما صورته: وجه الدلالة من هذه الأخبار اشتراكها في عدم اعتبار الحائل أو التباعد بالعشرة وإذا انتفى ذلك ثبت الجواز مطلقا إذ لا قائل بالفصل، وعلى هذا فيجب حمل الأخبار المقيدة على الاستحباب صونا للأخبار من التنافي، ولا ينافي ذلك اختلاف القيود لأن مراتب الفضيلة مختلفة، وبالجملة فهذا الاختلاف قرينة الاستحباب. انتهى.
أقول: قد عرفت أنه لا اختلاف هنا بين الأخبار المذكورة بل كلها متفقة الدلالة عدا رواية جميل المتقدمة أول الروايات على ما ذكرناه. وقوله وجه الدلالة من هذه الأخبار اشتراكها في عدم اعتبار الحائل أو التباعد - مردود بأن الحائل والتباعد المذكورين إنما يعتبران في تقدم المرأة على الرجل أو محاذاتها لأحد جانبيه بحيث تساويه في الموقف