وكذا التكليف التحريمي متعلق بطبيعة الغصب لا بخصوص هذا الفرد، والنسبة بين الطبيعتين عموم من وجه فطلب الفعل والترك غير متعلق بأمر واحد في الحقيقة حتى يلزم التكليف بما لا يطاق وإنما جمع المكلف بينهما في فرد واحد باختياره، فهو ممتثل للتكليف الإيجابي باعتبار أن هذا فرد الطبيعة المطلوبة وامتثال الطبيعة إنما يحصل بالاتيان بفرد من أفرادها، وهو مستحق للعقاب أيضا باعتبار كون هذا الفرد فرد الطبيعة المنهية. وقيل هذا القول غير صحيح على أصول أصحابنا لأن تعلق التكليف بالطبيعة مسلم لكن لا نزاع عندنا في أن الطبيعة المطلوبة يجب أن تكون حسنة ومصلحة راجحة متأكدة يصح للحكيم إرادتها وقد ثبت ذلك في محله، وغير خفي أن الطبيعة لا تتصف بهذه الصفات إلا من حيث التحصل الخارجي باعتبار أنحاء وجوداته الشخصية، وحينئذ نقول الفرد المحرم لا يخلو إما أن يكون حسنا ومصلحة متأكدة مرادة للشارع أم لا، وعلى الأول لا يصح النهي عنه، وعلى الثاني لم يكن القدر المشترك بينه وبين باقي الأفراد مطلوبا للشارع بل المطلوب الطبيعة المقيدة بقيد يختص به ما عدا ذلك الفرد فلا يحصل الامتثال بذلك الفرد لخروجه من أفراد المأمور به. أقول: ويمكن المناقشة فيه بوجوه لو تعرضنا لها لخرجنا عما هو مقصودنا في هذا الكتاب. وبالجملة الحكم بالبطلان أحوط وأولى وإن كان اثباته في غاية الاشكال. انتهى كلام شيخنا المشار إليه.
أقول: لا يخفى أن القائل بما نقله هنا هو الفاضل الخراساني في الذخيرة حيث إنه من القائلين بالقول المشهور من بطلان الصلاة في المغصوب مطلقا، وشيخنا المذكور لم يتعرض لبيان المناقشة في كلامه بل اعتذر بما ذكره. ويمكن الجواب عما ذكره في خلاصة كلامه ونتيجة بحثه بقوله: " وحينئذ نقول الفرد المحرم لا يخلو أما أن يكون حسنا... الخ " بأن يقال هنا فرد آخر غير ما ذكره من الفردين بأن يكون حسنا من وجه وقبيحا من وجه، وذلك بأن يكون حسنا من حيث توقف العبادة عليه وإن كان قبيحا من حيث التصرف في مال الغير بغير إذنه، فهو ذو جهتين حسن من إحداهما قبيح من الأخرى فهو