وإن كان دينا والغريم مقر باذل غير مماطل فليس له الأخذ بغير إذنه، لأن حقه أمر كلي في ذمة الغريم، والتعين منوط برأيه، فلا استقلال له بدونه، ولا استقلال للحاكم فيه.
ولو كان الغريم جاحدا أو مماطلا وليس لصاحب الحق بينة يثبت به الحق عند الحاكم، أو كان ولم يتمكن من التوصل إلى الحاكم القوي المطاع، أو يمكن ولكن بعد مدة أو تعب شديد يوجبان الضرر القوي، جاز له الاقتصاص منه.
لا أعلم خلافا في ذلك، لقوله تعالى: ﴿فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم﴾ (١) وقوله تعالى: ﴿فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به﴾ (2).
ولقوله (صلى الله عليه وآله): لي الواجد يحل عرضه وعقوبته (3).
وصحيحة داود بن زربي قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): إني اعامل قوما فربما أرسلوا إلي فأخذوا مني الجارية والدابة فذهبوا بها مني، ثم يدور لهم المال عندي فآخذ منه بقدر ما أخذوا مني؟ فقال: خذ منهم بقدر ما أخذوا منك ولا تزد عليه (4).
وصحيحة داود بن زربي أيضا، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): إني اخالط السلطان، فيكون عندي الجارية فيأخذونها، أو الدابة الفارهة، فيبعثون فيأخذونها، ثم يقع عندي لهم المال، فلي أن آخذه؟ قال: خذ مثل ذلك ولا تزد عليه (5).
وصحيحة اخرى لداود (6).
وفي الصحيح عن ابن مسكان، عن أبي بكر قال: قلت له: رجل لي عليه دراهم فجحدني، فحلف عليها، أيجوز لي إن وقع له قبلي دراهم أن آخذ منه بقدر حقي؟ قال: فقال: نعم، ولكن لهذا كلام. قلت: وما هو؟ قال: تقول: اللهم إني لم آخذه ظلما ولا خيانة، وإنما أخذته مكان مالي الذي أخذ مني لم أزدد عليه شيئا (7).