فنقول: إما أن يكون قصد من تكلم به الأعراض عن الإيجاب أو لا، فإن كان الأول فهو يرجع إلى الرد بالالتزام، إذ لا فرق في الرد بين أن يكون بالفعل أو بالقول بالمطابقة أو غيرها من الدلالات، والميزان زوال الرضا مع وجود ما يدل عليه، ووجود الدال هو المعتبر في الكشف عن البواطن شرعا، كما قررناه في تبعية العقد للقصد (1).
وإن لم يقصد الأعراض، فإن كان بحيث يوجب الفصل العرفي وينقطع به اتصال العقد فيبطل أيضا، لعدم شمول أدلة العقود لمثله، ولظاهر اتفاق الأصحاب على ذلك. وإن لم يكن مما يضر بصدق العقد عرفا، ففيه وجهان: من الشك في المانعية، ومن شمول العمومات. والأقوى الصحة.
وهذا هو الكلام من حيثية الفصل، وأما إبطال الشرط الفاسد ونحوه من حيثية الشرطية والتعليق وتقييد (2) القصد فتلك مسألة أخرى.
وينبغي أن يعلم: أن الاتصال بهذا المعنى إنما يشترط في العقود اللازمة من دون شبهة، وكذا ما في حكمها كالرهن، لأنه لازم من طرف. وأما مثل الشركة والمضاربة والوديعة والعارية والوكالة والجهالة والوصية فلا يضر فيه تخلل الكلام الأجنبي مع عدم الأعراض والرد، وذلك للإجماع عليه، والسيرة، وعدم القدح في شمول أدلته لمثل ذلك.
وثالثها: تخلل ما هو من لواحق العقد، كقوله: بعتك الشئ الفلاني بالمبلغ الفلاني بشرط كذا أو (3) بشرط الخيار ونحو ذلك. وهذا غير قادح في الصحة، لا في العقود الجائزة، ولا في اللازمة، لشمول العمومات، وأصالة عدم المانعية، وظاهر إجماع الأصحاب.
نعم، لو طال الكلام بحيث خرج عن العقدية عرفا، ففيه إشكال. والأقرب البطلان، لزوال الاسم الموجب لزوال الحكم.