ومتى مات المستودع، وجب رد الوديعة إلى ورثته، عند المطالبة منهم، فإن كان واحدا سلمها إليه، وإن كانوا جماعة، لم يسلمها إلا إلى جماعتهم، أو إلى واحد يتفقون عليه، فإن لم يتفقوا على ذلك، قال بعض أصحابنا: أو يعطي كل ذي حق حقه، والأولى رفعها إلى الحاكم، لأن الودعي لا يجوز له قسمتها، فإن سلمها إلى واحد منهم بغير رضاء الباقين، كان ضامنا لحصتهم على الكمال.
وليس المودع أن يسافر بالوديعة، سواء كان الطريق مخوفا أو غير مخوف، وسواء كانت المسافة قريبة أو بعيدة.
المودع متى أودع الوديعة عند غيره، مع قدرته على صاحبها، فإنه يكون ضامنا، سواء أودع زوجته، أو غير زوجته، ثقة أو غير ثقة، فأما إذا لم يقدر عليه، وأراد السفر، فلا بأس بأن يودعها عند من يثق بديانته.
ولا يجوز له دفنها من غير وصية بها إلى غيره، واستيمان منه عليها، وإيداع الغير.
إذا أخرج الوديعة لمنفعة نفسه، لا لمنفعة صاحبها، مثل أن يكون ثوبا وأراد أن يلبسه، أو دابة فأراد ركوبها، فإنه يضمن بنفس الإخراج، فأما إذا نوى أن يتعدى، أو يخرجها، ولم يفعل ذلك، فإنه لا يضمن بالنية، حتى يتعدى.
وإذا أودع غيره حيوانا، ولم يأمره بأن يسقيه ولا يعلفه، ولا نهاه، لزمه الإنفاق عليه، وسقيه، وعلفه، ويرجع على صاحبه بذلك إذا أشهد بأنه يرجع عليه بذلك، لأنه إذا أطلق، عرف بفحوى الخطاب أمره بالسقي والعلف، لأن العادة جارية بأن الدابة تسقى وتعلف، فوجب حمل ذلك على العرف، وإن لم يتلفظ به، لأنه عرف من فحوى الخطاب.
وإذا أودع إنسان وديعة عند إنسان، وقال له: ادفعها إلى فلان أمانة ووديعة، فادعى المودع أنه دفعها إليه، وأنكر المودع الثاني أن يكون دفعها إليه، وقال المودع الأول لصاحبها: أنا امتثلت أمرك، ودفعتها إليه، فالقول قوله مع يمينه، وتعود المحاكمة بين صاحبها وبين المودع الثاني، فإن اعترف فذاك، وإن