الرجوع على المديون بحقه عليه، ومتى لم يبرأ المحال له بالمال المحيل في حال ما يحيله، كان له أيضا الرجوع عليه، أي وقت شاء، هذا آخر كلام شيخنا في نهايته (1).
قال محمد بن إدريس: لا أرى لقوله رضي الله عنه وجها في أول الكلام، وهو " وقبل الحوالة، وأبرأه منه لم يكن له رجوع عليه، ضمن ذلك المحال به عليه، أو لم يضمن، بعد أن يكون قد قبل الحوالة، فإن لم يقبل الحوالة، إلا بعد ضمان المحال عليه، ولم يضمن من أحيل عليه ذلك، كان له مطالبة المحيل، ولم تبرأ ذمته بالحوالة ". قلنا بعد (2) أن يقبل الحوالة، فقد تحول الحق من ذمة المحيل، إلى ذمة المحال عليه، سواء ضمن ذلك، أو لم يضمن، لأن الضمان به، ينتقل المال من ذمة المضمون عنه، إلى ذمة الضامن، وكذلك الحوالة، بها يتحول الحق، من ذمة المحيل، إلى ذمة المحال عليه، فلا فائدة في الضمان، بعد عقد الحوالة، وانتقال المال وتحويله.
وقوله رضي الله عنه في آخر الكلام والباب: ومتى لم يبرء المحال له، بالمال المحيل، في حال ما يحيله، كان له أيضا الرجوع عليه، أي وقت شاء، لا وجه له، لأن الحوالة عقد قائم بنفسه، عند أصحابنا، وهي من العقود اللازمة للمتعاقدين، وينتقل المال من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، مع رضا المحال له، وهي مشتقة من تحويل الحق، فإذا كان كذلك، فقد انعقد العقد، وتحول الحول، فسواء أبرأه منه بعد الحوالة أو لم يبرئه (3) لأن الذمة قد برئت بتحويل الحق، وعقد الحوالة، فلا حاجة بنا إلى أن يبرأ بعد الحوالة، لأن الذمة قد برئت بعد عقد الحوالة، وانتقال المال، وتحويل الحق، فلا يحتاج بعد ذلك إلى براءة أخرى، وهذه الألفاظ التي أوردها شيخنا في نهايته (4)، ألفاظ أخبار الآحاد، أوردها إيرادا لا اعتقادا، على ما كررنا القول في معناه.