المحتال لم يبرئ المحيل من المال وقت الحوالة وجعله كالكفيل للمحال عليه فيكون له إذا أعسر أو مات معدما الرجوع بحقه على المحيل. وهو الظاهر من كلام المفيد، فإنه قال: إذا كان لإنسان على غيره مال فأحال به على رجل ملي به فقبل الحوالة وأبرأ ذمته لم يكن له رجوع (1). وبه قال ابن البراج، وابن حمزة (2).
وقال أبو الصلاح: وإذا لم يبرأ الغريم إلى المحتال من مال الحوالة ورضي المحتال أو المحال عليه بذلك لم تبرأ ذمته منه، ويحتسب بما قبضه من المحال عليه، ويرجع على غريمه الأول بالباقي، وإن برأ إليه ورضي كل منهما بذلك لم يرجع عليه بشئ من مال الحوالة (3). وهو يوافق قول الشيخ، ولم يتعرض في الخلاف والمبسوط لذلك.
وقال ابن إدريس: لا يشترط (4)، وهو الأقرب.
لنا: إن الإبراء إسقاط لما في الذمة، ولا يمكن ثبوته هنا فلا يعد شرطا.
أما المقدمة الأولى فظاهرة.
وأما الثانية: فلأن الإسقاط إما أن يتحقق قبل الانتقال من ذمة المحيل أو بعده، والقسمان باطلان. أما الأول: فلأنه يستلزم بطلان الحوالة، إذ لا يبقى للانتقال من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه وجه، لخلو ذمة المحيل حينئذ من حق ينتقل عنها. وأما الثاني: فلأن ذمة المحيل بعد الحوالة، وتحويل الحق منها إلى ذمة المحال عليه تكون خالية من الحق فلا يتحقق الإسقاط. ولأنها عقد قائم بنفسه مأخوذة من تحويل الحق من ذمة إلى أخرى، فإذا تحققت وجب أن