تكون الهبة شجرا فاتخذ منها بابا أو سريرا أو تكون ثوبا خاما فقصره أو أمة فوطأها لم يكن له الرجوع (1).
فقسم التصرف إلى ما يحصل معه تغيير في العين أو إحداث شئ فيها، وهذا النوع من التصرف يمنع الرجوع. وإلى ما لا يحصل كالرهن والكتابة، وهذا لا يمنع عنده. وكان ظاهر كلام المفيد يعطيه.
وقال سلار: للواهب الرجوع فيما لم يعوض عنه ما دامت العين باقية (2).
وكذا قال أبو الصلاح (3)، وأطلق القول، وهذا الإطلاق يعطي جواز الرجوع مع التصرف، إلا أن أبا الصلاح منع من الرجوع في الهدية مع التصرف (4).
والوجه الأول.
لنا: إن المتهب قد ملك بالعقد والإقباض وظهر أثر الملك بالتصرف فقوى وجود السبب وكان تاما، وإلا لم يتحقق أثره، فلا يتحقق النقل عنه إلا بسبب طارئ، والرجوع ليس سببا هنا، وإلا لكان سببا في غيره.
لا يقال: ينتقض بما قبل التصرف فإن السبب موجود، ولأنه سبب في ملك المطلق الثابت مع الجواز واللزوم لا في الأخص، وهو اللازم فإنه عين المتنازع، والرجوع سبب في إزالة الملك كما قبل التصرف فكذا فيما بعده، عملا بالاستصحاب.
لأنا نقول: الفرق ثابت بالقيد الذي ذكرناه من ظهور أثر السبب، فلا يقاس عليه ما لم يظهر أثره لضعفه، والأصل لزوم الملك، لانتقاله إلى المتهب، فيدخل تحت عموم قوله تعالى: " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن