لا يقال: ينتقض ما ذكرتموه بهبة الأجنبي، فإن الدليل قائم فيها، مع أنكم تذهبون إلى أن للمالك الرجوع.
لأنا نجيب: بأن الإجماع لما فرق بين الولد والأجنبي حكمنا بعدم الملك التام في حق الأجنبي، إذ لو ملك ملكا مستقرا لما خرج عنه بالرجوع، إذ هو معنى الملك المستقر، ولم يثبت الإجماع في هبة ذي الرحم فكان على الأصل من بقاء الملك، وألحقناه بالولد، لاشتراكهما في معنى الموجب، وهو رعاية النسب وحفظ حق ذي الرحم وصلته، بخلاف الأجنبي.
وما رواه محمد بن مسلم في الصحيح، عن الباقر - عليه السلام - قال: الهبة والنحلة يرجع فيهما صاحبهما إن شاء حيزت أو لم تحز، إلا لذي رحم فإنه لا يرجع فيهما (1).
وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله وعبد الله بن سنان قالا:
سألنا أبا عبد الله - عليه السلام - عن الرجل يهب الهبة أيرجع فيها إن شاء أم لا؟ فقال: تجوز الهبة لذوي القرابة والذي يثاب من هبته، ويرجع في غير ذلك إن شاء (2).
والتقريب في الاستدلال من هذا الحديث أنه - عليه السلام - عني بالجواز هنا اللزوم وعدم الرجوع، لوجوه:
أحدها: إن السؤال وقع عن الرجوع، فلو لم يرد به ذلك لكان تأخيرا للبيان عن وقت الحاجة، وهو غير جائز عند العدلية.
الثاني: إنه - عليه السلام - فرق بين هذين وبين غيرهما، فأجاب في غيرهما