لنا: إن الزرع والدجاجة تكونان من عين المغصوب منه وحدث النماء على ملكه فلا يملكه الغاصب، إذ البيضة بحضن الدجاجة لها لم يخرج عن ملك المالك، وأما الاستحالات الحاصلة في البيضة فإنها صفات حصلت فيها وحصل بسببها استعدادات مختلفة لتكونات متعاقبة إلى أن كمل الاستعداد لخلق صورة الفرخ فخلقها الله تعالى ووهبها إياه، فليس للغاصب ولا للدجاجة فيها أثر البتة.
ولأن المقتضي للتمليك إما إحداث فعل أو تجديد، والقسمان باطلان.
أما الأول: فلأن الفعل إما من الغاصب أو من الدجاجة، والقسمان باطلان. أما الأول: فلأن الغاصب لم يؤثر سوى الإحضان، وليس ذلك موجبا للتمليك، وإلا لكان إذا أحضنها بدجاجة المالك ملكها، ولكان المالك إذا أذن لغيره في إحضان الدجاجة بالبيضة وهما للمالك ملك الغير، وليس كذلك إجماعا. وأما الثاني: فلأنه لو كان كذلك لكان المالك إذا غصب الدجاجة وأحضنها بيضة من ملكه أن يملكها صاحب الدجاجة، وليس كذلك اتفاقا.
وأما الثاني: فلأن تجديد اليد لو كان موجبا للتمليك لكان الغاصب مطلقا مالكا وإن لم يتغير صفته، وليس كذلك بالإجماع.
وقول الشيخ: " إن العين قد تلفت " ليس بجيد، فإنها لو تلفت لم يحصل لها نماء، وإنما استحالت وتغيرت صفاتها وخواصها وذاتياتها.
وقوله: " من يقول: في الفروج أنه عين البيضة وفي الزرع أنه عين الحب مكابر " خارج عن الإنصاف، فإنا لا ندعي أن هذه الأعيان هي تلك الأعيان باقية على الصفات بل إن المواد واحدة، فإن المتغير إنما هو الصفات والخواص وبعض الذاتيات.
ونعم ما قال ابن الجنيد: والدجاجة المتولدة عن البيضة، والنخلة المتولدة