قال مالك: لا تصلح المساقاة في شئ من الأصول مما تحل فيه المساقاة. إذا كان فيه ثمر قد طاب وبدا صلاحه وحل بيعه. وإنما ينبغي أن يساقى من العام المقبل. وإنما مساقاة ما حل بيعه من الثمال إجارة. لأنه إنما ساقى صاحب الأصل ثمرا قد بدا صلاحه. على أن يكفيه إياه ويجذه له. بمنزلة الدنانير والدراهم يعطيه إياها. وليس ذلك بالمساقاة. إنما المساقاة ما بين أن يجذ النخل إلى أن يطيب الثمر ويحل بيعه.
قال مالك: ومن ساقى ثمرا في أصل قبل أن يبدو صلاحه ويحل بيعه، فتلك المساقاة بعينها جائزة.
قال مالك: ولا ينبغي أن تساقى الأرض البيضاء. وذلك أنه يحل لصاحبها كراؤها بالدنانير والدراهم. وما أشبه ذلك من الأثمان المعلومة.
قال: فأما الرجل الذي يعطى أرضه البيضاء، بالثلث أو لأربع مما يخرج منها. فذلك مما يدخله الغرر. لان الزرع يقل مرة ويكثر مرة. وربما هلك رأسا. فيكون صاحب الأرض قد ترك كراء معلوما يصلح له أن يكرى أرضه به. وأخذ أمرا غررا. لا يدرى أيتم أم لا؟
فهذا مكروه. وإنما ذلك مثل رجل استأجر أجيرا للسفر بشئ معلوم. ثم قال الذي استأجر الأجير: هل لك أن أعطيك عشر ما أربح في سفري هذا إجارة لك؟ فهذا لا يحل ولا ينبغي.
قال مالك: ولا ينبغي لرجل أن يؤاجر نفسه ولا أرضه ولا سفينته إلا بشئ معلوم لا يزول إلى غيره.