الأغسال تكليفات متغايرة كما حققنا، وكل منها يوجب امتثالا.
غاية ما ثبت من الأخبار إجزاء غسل واحد عن الجميع، وهو لا ينفي جواز الغير، بل ظاهره استحباب العدم، فإن الظاهر من الاجزاء هو أقل الواجب، كما في الاستنجاء بالأحجار. مع أن أفضل الطاعات أحمزها. ولأنه ربما تفوت الفضيلة كما في تقديم غسل الجمعة في أول الفجر. ولأنه محصل للاحتياط للخروج عن الخلاف، وعن مخالفة الأخبار المتواترة بالمعنى من أن الأعمال بالنيات وغير ذلك، وهو الظاهر من الأصحاب. وممن صرح به الفاضل الأردبيلي رحمه الله (1).
وحكم بعض المتأخرين بكونه عزيمة (2)، حيث توهم أن المطلوب هو المسمى، وبعد حصول الطبيعة يحصل الامتثال، والأمر يقتضي الاجزاء، فلا يبقى أمر وتكليف، فإتيانه ثانيا بدعة.
ويظهر فساده مما تقدم. مع أن البدعة هو إدخال ما ليس من الدين في الدين بقصد أنه من الدين، لا إتيان ما يحتمل كونه منه برجاء الثواب، فسبيل الاحتياط على هذا القول أيضا غير مسدود.
ويؤيد ما ذكرنا ما دل من الأخبار على جواز غسل الجنابة حال الحيض ونحوه.
ومما ذكرنا يظهر الحال في الوضوء وغيره.
الثالث: لا منافاة فيما اخترنا هنا من أصالة عدم التداخل، مع ما سبق منا من جواز الدخول بالوضوء الذي قصد به رفع الحدث في كل مشروط بالطهارة، بعد التأمل في المقامين.
وكذا لا منافاة بين القول بالتداخل هنا، مع القول بعدم جواز الدخول بطهارة واحدة في عبادات مختلفة إلا مع ثبوته بالدليل، كما ذهب إليه شارح الدروس