رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن الله تعالى حد لكم حدودا " فلا تعتدوها، وفرض عليكم فرائض فلا تضيعوها، وسن لكم سننا " فاتبعوها، وحرم عليكم حرمات فلا تنهكوها، وعفى لكم عن أشياء رحمة من غير نسيان فلا تتكلفوها " وما رواه الفقيه (1) في خطبة أمير المؤمنين عليه السلام قال فيها: إن الله تعالى حد حدودا " فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تنقصوها، وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا " فلا تتكلفونها، رحمة من الله تعالى فاقبلوها " ولا ريب أن هذه المسألة داخلة فيما سكت الله تعالى عنه فتكلف البحث فيها كما ذكره أصحابنا تبعا " للعامة العمياء في كتبهم الأصولية، رد على ما دلت عليه هذه الأخبار، وكم لهم مثل ذلك، كما لا يخفى على من جاس خلال الديار.
ومما يؤكد ذلك ما تكاثرت به الأخبار عنهم عليهم السلام (2) من النهي عن القول بما لم يسمع منهم، ولا يرد عنهم، والكف والتثبت حتى يسأل ".
ومنه حديث صاحب البريد (3) المروي في الكافي قول الصادق عليه السلام فيه " أما إنه شر عليكم أن تقولوا بشئ ما لم تسمعوه منا ".
وفي معناه أخبار عديدة، وبذلك يظهر لك ما في قوله إن القوانين الأصولية يقتضي البطلان، فإن فيه كما عرفت أن القوانين الشرعية الثابتة عن أهل العصمة عليهم السلام تقتضي الصحة، وهي الأولى والأحق بالاتباع، وإن كانت قليلة الاتباع من حيث عدم التأمل فيها، والرجوع في ذلك إليها، والظاهر أن من وقف على ما شرحناه لا يخالف في صحة ما اخترناه.
وثانيا " أنه من المعلوم الذي لا يداخله الشك والريب أن أصل هذا العلم الذي هو علم الأصول إنما هو من العامة وقد كانت العامة زمن الأئمة عليهم السلام كالشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وأضرابهم عاكفين على هذا العلم، وصنفوا فيه الكتب