العدم إلى آخره، وسيأتي الكلام في هذه المسألة أيضا "، وتصريح غيره بخلاف ما صرح به، ومرجعه إلى الخلاف في قبول قول الوكيل، عدمه وبذلك يظهر لك أن ما ادعى من الاجماع المتقدم ذكره غير تام إلا في صورة دعوى التلف، حيث أن ظاهرهم الاتفاق على قبول قول الوكيل فيه.
وأما دعوى الرد ودعوى التصرف فهو محل خلاف واشكال عندهم، مع أن التعليل الذي ذكروه في قبول التلف زايدا " على الاجماع، وهو لزوم امتناع الناس عن قبول الأمانات مع الجاء الحاجة، إلى ذلك، جار في هذين الأمرين.
وبالجملة فإن المسألة لعدم النصر في هذه الأفراد المعدودة بل في أصل مسألة الوكالة لا يخلو من الاشكال، والاجماع المدعي لو سلم حجيته، غير تام، والتعليلات المذكورة في كلامهم لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية كما تقدم ذكره في غير مقام، والأصالة متعارضة في بعض هذه المواضع، فإن أصالة العدم في دعوى الوكيل التصرف فيقدم قول الموكل، معارضة بأصالة براءة الذمة، وعدم الغرم وحمل أفعال المسلمين على الصحة مهما أمكن، كما يشير إليه كثير من الأخبار إلا أنه يمكن أن يقال: لا يخفى أن مقتضى الأخبار التي تقدمت في كتاب الوديعة دالة على النهي عن اتهام من ائتمنه، المشعر ذلك بقبول قوله في جميع ما يدعيه، كون الوكيل كذلك وأن كان بجعل، لأن الجعل إنما هو في مقابلة السعي والعمل، وهو غير مناف للائتمان، ولا ريب أن الائتمان في الوكالة أشد وأبلغ منه في الموادعة، لأنه في الوكالة مؤتمن على الحفظ والتصرف بجميع أنواع التصرفات المأذون فيها، بخلاف الودعي فإنه مأمون على الحفظ خاصة، ولا ريب أيضا " أن الائتمان الذي رتبت عليه هذه الأحكام في الوديعة ليس إلا عبارة عن الوثوق بالمدفوع إليه في عدم الخيانة، والمخالفة لأمر المالك، ولهذا وردت الأخبار (1)