من ثبوت المال دون الوكالة فيما لو ادعى الوكيل الجعالة عليها وأقام شاهدا " وحلف معه، أو ضم إليه امرأتين، فإن فيه أنه لا ريب أن الجعالة فرع على الوكالة، تابعة لها كما هو المدعى فكيف يثبت الفرع، مع عدم ثبوت الأصل، والتابع مع عدم وجود المتبوع، بل هذا مما تنكره بديهة العقول.
ومنها قوله في السرقة أنه يثبت بذلك المال لا القطع، يعني لو أقام شاهدا " وامرأتين أو شاهدا " مع اليمين على أن زيدا " سرق يثبت المال المسروق، ولم يثبت القطع على السارق، مع أن هذين أعني ثبوت المال والقطع معلولا علية واحدة، وهي السرقة فإن ثبتت ثبتتا، وإلا فلا فكيف يثبت بالبينة المذكورة أحدهما دون الآخر.
وبذلك يظهر بقاء الاشكال الذي ذكره لما عرفت من ضعف ما استظهره فإنه لا ينطبق على القواعد والأصول بل هو مما تنكره بديهة العقول.
ومنها جملة عبارة المصنف المشعرة بتوقفه على هذه الصورة الخاصة، وهي انكار الموكل الوكالة قبل عمل الوكيل، فإنه بعيد غاية البعد، أما أولا " فلأنها صورة نادرة، لا يحسن أن يحمل عليها الاطلاق، وأما ثانيا " فإنه متى كان الانكار في الصورة المذكورة من مبطلات الوكالة، فلا معنى لفرض المسألة بإقامة الشهادة واليمين معه، أو ضم المرأتين، فإن إقامة بينة على أمر قد حصل بطلانه، بل لا يحسن فرضه، والتمثل به بالكلية كما لا يخفى على ذوي الذوق السليم.
وكيف كان فإنه لا مندوحة عن الحمل على ذلك وإن بعد، لاتفاق الأصحاب المعتضد بالأخبار الدالة على اختصاص الثبوت بهذين الأمرين بالمال، والوكالة ليست مالا "، وإنما هي ولاية كما عرفت.
بقي الكلام هنا في شيئين أحدهما ما قدمنا نقله عنهم من قولهم أنه لا يحكم بالوكالة بدعوى الوكيل ولا بموافقة الغريم ما لم يقم بينة، يبتغي تخصيصه بحصول المنازع في الوكالة، بأن ينكره الموكل وإلا فإن الظاهر أنه لو ادعاها ولا منازع له فإنه يصح تصرفه، والشراء منه، لأن هذا أحد أفراد القاعدة الكلية، وهي من ادعى