الثلث وبطلت الوصية بالزايد، باطلاقها دالة على وجوب الرد إلى الثلث، وجد وارث ثمة أم لم يوجد، إلا أن فيه أن أكثر الأخبار قد تضمنت وجود الوارث في البين، ففي جملة منها أنه تمضي الوصية في الثلث، وترد الباقي على الورثة، وفي جملة إلا أن تجيز الورثة، وحينئذ فيحمل اطلاق تلك الأخبار على هذه.
ومما يعضد رواية السكوني موثقة عمار المتقدمة في كلام العلامة الدالة على أنه إن أوصى بماله كله فهو جائز، بحملها على عدم الوارث، إذ لا جائز أن يعمل بها على ظاهرها فيلزم طرحها، والعمل بالخبر مهما أمكن أولى من طرحه، كما صرحوا به في غير موضع، والعلامة في المختلف إنما تمسك في ردها بضعف السند، بناء على هذا الاصطلاح الغير الصحيح ولا المعتمد، ومن لا يعمل به لا يصح عنده رد الخبري بغير معارض.
فإن قيل: أخبار كون (1) " الإمام وارث من لا وارث له " تعارض هذه الرواية، قلنا: ما ذكرت من الأخبار مطلق أو عام، وهذه الرواية خاصة أو مقيدة فالقاعدة تقتضي تقديم العمل بهذه الرواية وتخصيص تلك الأخبار أو تقيدها بها على أنه مما يعضد هذه الرواية ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن عيسى (2) " قال: كتب إليه محمد بن إسحاق المتطيب: وبعد أطال الله بقاك نعلمك يا سيدنا أنا في شبهة من هذه الوصية التي أوصى بها محمد بن يحيى درياب، وذلك أن موالي سيدنا وعبيده الصالحين ذكروا أنه ليس للميت أن يوصي إذا كان له ولد بأكثر من ثلث ماله، وقد أوصى محمد بن يحيى بأكثر من النصف ما خلف من تركته، فإن رأى سيدنا ومولانا أطال الله بقاءه أن يفتح غياب هذه الظلمة التي شكونا ويفسر ذلك لنا نعمل عليه إن شاء الله تعالى فأجاب عليه السلام: إن كان أوصى بها من قبل أن يكون له ولد فجائز وصيته وذلك أن ولده من بعده ".