فلو وقع ذلك عن خطأ أو سهو لم تمتنع وصيته اجماعا "، كما نقله في الروضة.
المقام الثالث: المشهور بين الأصحاب (رضي الله عنهم) أنه لا تصح الوصية بالولاية على الأطفال إلا من الأب أن الجد للأب خاصة، وقال ابن الجنيد: الأب الرشيد أولى بأمر ولده الأطفال من كل أحد، وكذا الأم الرشيدة بعده، وهو ظاهر في أن لها الولاية كالأب إذا كانت رشيدة، ورده الأصحاب بالضعف والشذوذ.
قال في المسالك: لما كان الولاية على الغير من الأحكام المخالفة للأصل، إذ الأصل عدم جواز تصرف الانسان في مال غيره بغير إذنه أو ما في معناه، وجب الاقتصار في نصب الولي على الأطفال على محل النص أو الوفاق، وهو نصب الأب أو الجد له، فلا يجوز للحاكم وإن كان وليا " عليهم، أن ينصب بعده عليهم وليا "، لأن ولايته مقصورة عليه حيا "، فإذا مات ارتفع حكمه، وإن جاز له أن يوكل حيا " عليهم، لأن له الولاية حينئذ، ويشمل اطلاق المنع من تولية غيرهما الوصي من أحدهما، فليس له أن يوصي عليهم بالولاية مع عدم نصهما على ذلك على أصح القولين، وسيأتي إن شاء الله تعالى، أما مع النص فتولية الوصي في معنى تولية أحدهما، لصدوره عن إذنه كما جازت ولاية الوصي ابتداء عنهما.
ثم إنه بعد ذلك أشار إلى خلاف ابن الجنيد الذي قدمنا ذكره، حيث إن المصنف أفرده بالذكر، فقال: ولا ولاية للأم، ولا يصح منها الوصية عليهم، فقال الشارح: وإنما خص الأم بالذكر بعد دخولها في السابق لاثبات ابن الجنيد (رحمة الله عليه) الولاية لها مع رشدها بعد الأب، وهو شاذ.
أقول: ومما فرعوا على الكلام المتقدم وهو أن الولاية على الصغار مخصوصة بالأب والجد له وإن علا، دون غيرهما ما لو أوصت الأم أو أحد الأقارب لطفل بمال ونصب قيما " يصرف المال على الطفل المذكور في مصالحه وما يحتاج إليه، فإن للأب أو الجد انتزاعه عن ذلك القيم، بمعنى أن الوصية بالمال صحيحة، ولكن نصب القيم باطل، لأن ولاية الأب والجد شرعية، فلا يعارضها وصية ذلك الوصي.