على هذا القول، وهذا عين السفسطة، ودعوى كون قبض الوكيل في حكم قبض الموكل، يتوقف على صحة التوكيل بالدليل في الصورة المذكورة، ويمكن أن يستدل لما ذكره العلامة بعموم أدلة الوكالة، وليس هنا ما يصلح للمنع إلا عدم تعيين الدفع إلى ذلك الموكل، وجواز العدول عنه إلى غيره، وهذا لا يصلح للمانعية، إذ يكفي بناء على تسلميه أن يكون ذلك حقا " له في الجملة، وهو هنا كذلك، ويمكن أن يؤيد ذلك بما صرحوا به من جواز الدفع إلى أطفال المؤمنين، وأنه يدفع إلى وليهم إن كان، أو عدل يقوم بانفاقه عليهم، وبالجملة فإن المسألة لعدم الدليل الواضح باقية في قالب الاشكال، والله سبحانه العالم.
الثالث: قد عرفت أن من جملة الشروط العلم بما فيه التوكيل، ولو اجمالا " قال في التذكرة: لا يشترط في متعلق الوكالة وهو ما وكل فيه أن يكون معلوما " من كل وجه، فإن الوكالة إنما جوزت لعموم الحاجة، وذلك يقتضي المسامحة فيها، ولكن يجب أن يكون مبينا " من بعض الوجوه، حتى لا يعلم الغرر، ولا فرق في ذلك بين الوكالة العامة والخاصة، فأما الوكالة العامة بأن يقول وكلتك في كل قليل وكثير، فإن لم يصنف إلى نفسه فالأقوى البطلان، لأنه لفظ مبهم بالغاية، ولو ذكر الإضافة إلى نفسه وقال: وكلتك في كل أمر هو لي أو في كل أموري أو في كل ما يتعلق بي، أو في جميع حقوقي، أو في كل قليل وكثير من أموري، أو فوضت إليك جميع الأشياء التي تتعلق بي، أو أنت وكيل مطلقا " تصرف في مالي كيف شئت، أو فصل الأمور المتعلقة به التي تجري فيها النيابة، وفصلها فقال: وكلتك ببيع أملاكي وتطليق زوجاتي واعتاق عبيدي أو لم يفصل على ما تقدم أو قال: وكلتك في كل أمر هو لي مما يناب فيه، ولم يفصل أجناس التصرفات أو قال: أقمتك مقام نفسي في كل شئ فالوجه عندي الصحة في الجميع، وبه قال ابن أبي ليلى، وقال الشيخ: لا تصح الوكالة العامة، وهو قول العامة، إلا ابن أبي ليلى لما فيه من الغرر العظيم، والخطر الكثير، لأنه