المطلب الثاني فيما تصح النيابة فيه وما لا تصح:
قال في التذكرة: البحث الرابع فيما فيه التوكيل والنظر في شرائطه، وهي ثلاثة: الأول: أن يكون مملوكا " للموكل، الثاني: أن يكون قابلا " للنيابة، الثالث: أن يكون ما به التوكيل معلوما " ولو اجمالا "، انتهى.
والكلام في هذا المطلب يقع في موارد: الأول: قال في التذكرة: يشترط فيما يتعلق الوكالة به أن يكون مملوكا " للموكل، فلو وكل غيره بطلاق زوجة سينكحها أو بشراء عبد سيملكه، أو اعتاق رقبة يشتريه، أو قضاء دين يستدينه، أو تزويج امرأة إذا انقضت عدتها أو طلقها زوجها، وما أشبه ذلك، لم يصح، لأن الموكل لا يتمكن من فعل ذلك بنفسه، فلا تنتظم فيه إقامة غيره، وهو أصح وجهي الشافعية.
الثاني: إنه صحيح، ويكتفي بحصول الملك عند التصرف، وأنه المقصود من التوكيل، وقال بعض الشافعية: الخلاف عائد إلى أن الاعتبار بحال التوكيل أم حال التصرف، انتهى.
أقول: ينبغي أن يعلم أن المراد بكون متعلق الوكالة مملوكا " للموكل بمعنى كونه مما يمكن الموكل التصرف فيه، ومباشرته بنفسه عقلا " وشرعا "، ومثل هذه الأمور المعدودة لما لم يمكنه مباشرتها بشئ من الوجهين المذكورين انتفت الوكالة فيها، وأولى منها الأمور المستحيلة عقلا " أو شرعا "، فلا يجوز التوكيل في الغصب والسرقة والقتل ونحوه، وأحكامها إنما تلزم المباشر لها، وهل يعتبر الامكان المذكور من حين التوكيل إلى حين التصرف، ظاهر جمع منهم ذلك على ما نقله في الكفاية، وهو ظاهر عبارة التذكرة المتقدمة.
وقال المحقق الثاني في شرح القواعد على ما نقله بعض الأفاضل فمن شرط صحة الوكالة أن يكون التصرف مملوكا " للموكل في وقت صدور عقد التوكيل والظاهر أن ذلك متفق عليه عندنا، وللشافعية خلاف في ذلك.