لأن كل واحد منضبط برعاية المصلحة على اعترفوا به، وذلك مشترك بين الأمرين، فالأقوى الجواز مطلقا "، انتهى.
أقول: لا يخفى أن العموم المستفاد من هذه الأمثلة التي ذكرها في التذكرة مما ينافي اعتبار المصلحة، كما أن تقييد هذا العموم مناف أيضا "، فإن ظاهر هذا العموم أن للوكيل اخراجه من جميع ما يملكه من أموال عينية وحقوق شرعية واثبات ما عليه ربما لا يمكنه الخروج عن عهدته، وجميع ذلك خلاف المصلحة عرفا " وعادة كما أنه لو فصل كان كذلك، فكلام المحقق لا يخلو عن قرب، إلا أن يقال:
إنه قد رضي بذلك، فهو في حكم ما لو فعل ذلك بنفسه، " والناس مسلطون على أموالهم " فيصح بناء على ذلك، ولا ثمرة هنا للتقييد بالمصلحة، لأنه من الظاهر المعلوم عدم المصلحة، لو فعل ذلك تفصيلا "، مع قولهم بالجواز فكذا في صورة الاجمال الذي هو بمعناه.
وبالجملة فالأمر دائر بين احتمال عدم الصحة من لزوم الضرر، وبين احتمال الصحة بناء على رضاه بذلك، لمعلومية ذلك عنده، كما أنه لو فعله بنفسه كان كذلك، وأم التقييد بالمصلحة وعدمها فلا مدخل له هنا.
نعم لقائل أن يقول: إن ما ادعيتموه من أن للانسان أن يفعل بنفسه وماله ما شاء ممنوع، فإنه متى تجاوز في التصرف إلى حد يوجب الاسراف وادخال الضرر على نفسه، كان ممنوعا " بالآيات والروايات الدالة على تحريم الاسراف، ووجوب دفع الضرر عن النفس والمال (1)، وحينئذ فيرجع الأمر إلى اعتبار المصلحة في تصرفه بنفسه أو وكيله، وعلى هذا فيمكن القول ببطلان الوكالة في صورة العموم على وجه المذكور، لادخاله الضرر على نفسه، لأن مقتضى هذا العموم الضرر كما عرفت، كما أنه لو فصل هذا العموم كان ضررا " بينا "، فتبطل الوكالة في الموضعين، ويمكن أن يقال: بالصحة نظرا " إلى أنه وإن كان مقتضى العموم ذلك، إلا أن تقييد تصرف الوكيل بالمصلحة يزيل ذلك.