كما ذكره من الغرض من وقفه على المسلمين انتفاع كل من الموقوف عليه بالثمرة إذا مر بها، فإنا لا نسلم دخوله تحت القاعدة المذكورة، لأن ذلك في قوة قوله من شاء أن يأكل من هذه الثمرة، فهو مأذون، ومع تسليم التوقف على إذن الحاكم، فالواجب على الحاكم أيضا أن يأذن إذنا عاما على حسب إرادة الواقف ومطلوبه، فلا يتوقف كل فرد فرد من أفراد تلك الجهة الموقوف عليها إلى إذن خاص، كما ظنه (قدس سره).
ويؤيد ما قلناه قوله (بل ربما دلت القرينة على عدم إرادة الواقف النظر على هذا الوجه إلى آخره،) وجوابه عن ذلك بأنه لا عبرة بقصد الواقف ذلك بعد رجوع الأمر إلى الحاكم، حيث إنه يصير مع عدم الاشتراط كالأجنبي فلا عبرة بقصده خلاف ما يقتضيه نظر الحاكم، مردود، بأنا نجعل هذا القصد من الواقف قرينة على عدم دخول هذا الفرد في الاطلاق، بمعنى استثنائه من ذلك، فلا يرجع إليه في هذه الصورة، على أن ما ذكره من أنه بعد الوقف حيث لا يشترط النظر لأحد كالأجنبي، وينتقل الحكم إلى الحاكم، فلا عبرة بقصده خلاف ذلك، محل منع وكيف لا، والعقود تابعة للقصود، ومقتضى القواعد الشرعية هو الوقوف على ما علم منه من القصد صريحا أو بقرينة أو نحو ذلك وكونه أجنبيا بعد العقد لا يوجب الخروج عما عينه وقصده، وإنما المراد منه ليس له بعد العقد احداث شئ على خلاف ما دل عليه العقد، والنظر الذي انتقل إلى الحاكم الشرعي إنما هو على حسب ما دل عليه القعد، ولا يجوز له الخروج عن مقتضاه، وهو قد قرض في صورة الاشكال أنه وبما دلت القرينة هنا على عدم إرادة الواقف النظر على هذا الوجه، بل يريد تفويض الانتفاع إلى كل واحد من أفراد تلك الجهة العامة إلى آخره.
وحينئذ فإنه متى كان الأمر كذلك فلا ريب أنه في قوة التقييد للوقف بما ذكر، والتصريح به، فكيف تجوز مخالفته والخروج عنه، ويكون الخروج عنه موافقا للقواعد الشرعية، بل الوقوف عليه هو مقتضى القواعد الشرعية،