من المطلب الثاني في شرائط الوقف (1) ونقل ما فيها من الخلاف محررا محققا، فلا حاجة إلى إعادته، ثم إنه ينبغي أن يعلم أن عدم صحة الوقف على العبد إنما هو بناء على القول بأنه لا يملك، أو لا يملك إلا فاضل الضريبة مما لا يدخله الوقف، أما على القول بكونه يملك، وإن كان محجورا عليه في التصرف، فإنه لا مانع من الوقف عليه، وبه صرح الأصحاب (رضي الله عنهم) أيضا قيل: ولا ينصرف الوقف إلى مولاه، لأنه غير مقصود في العقد، والعقود بالقصود.
أقول: الظاهر أن هذا الكلام خرج في معرض الرد على بعض العامة، حيث جوز الوقف على العبد، وجعله مصروفا إلى مولاه، ولا ريب في ضعفه، لما عرفت من أن العقود تابعة للقصود، ومولاه لم يقصد بالوقف عليه، فمن أين ينصرف إليه.
تنبيه:
قد عرفت أن من جملة الشروط في الموقوف عليه أن يكون له أهلية التملك، ويشكل ذلك بالوقف على المساجد والقناطر ونحوهما، فإنه مما لا خلاف فيه، مع أن شيئا منها غير قابل للتملك كما لا يخفى، والجواب ما صرح به الأصحاب من أن الوقف المذكور في التحقيق إنما هو وقف على المسلمين، باعتبار بعض مصالحهم، ولا ريب أنهم قابلون للتملك، وغايته أنه وقف عليهم باعتبار مصلحة خاصة من مصالحهم، فكأنه وقف عليهم بشرط صرفه في مصرف خاص، ومصلحة خاصة، ولا منافاة فيه.
وربما ظهر من الصدوق المنع من الوقف على المساجد، لما روى في كتابه مرسلا (2) (قال: وسئل عليه السلام عن الوقوف على المساجد، فقال لا يجوز، فإن المجوس أوقفوا على بيوت النار)، وروى فيه وفي التهذيب عن أبي الصحارى (3)