محقا " يختص الوقف بقبيله بشهادة الحال، كما لو وقف على الفقراء، ورد بأن تخصيص عام لا يقتضي تخصيص آخر، وشهادة الحال ممنوعة، والفرق بين المسلمين والفقراء قائم، فإن إرادة الوقف على جميع الفقراء على اختلاف آرائهم وتباين مقالاتهم ومعتقداتهم بعيد، بخلاف إرادة فرق المسلمين من اطلاقهم، فإنه أمر راجح شرعي مطلوب عرفا "، والأقوى المشهور.
نعم لو كان الواقف من أحد الفرق المحكوم بكفرها لم يخرج قبيلته من وقفه ولا غيره ممن يحكم بكفره أيضا " حيث لا يشهد حاله باخراجه ويحتمل اختصاص عدم الحرمان بقبيلة خاصة اقتصارا " في التخصيص على محل اليقين، وهو حسن إلا مع شهادة الحال بخلافه، انتهى.
أقول: ما نقله من القول الذي نقضه هو قول ابن إدريس حيث قال: وإذا وقف المسلم المحق شيئا " على المسلمين كان ذلك للمحقين من المسلمين، واستدل بأن فحوى الخطاب وشاهد الحال يدل عليه، كما لو وقف الكافر وقفا على الفقراء كان ماضيا " في فقراء أهل نحلته خاصة، بشهادة دلالة الحال عليه، قال: وما أورده الشيخ خبر واحد أورد، إيرادا " لا اعتقادا "، لأنا وإياه نراعي في صحة الوقف التقرب به إلى الله، وببعض هؤلاء لا يتقرب الانسان المحق بوقفه عليه، انتهى.
وأنت خبير بأن كلام ابن إدريس جيد بناء " على مذهبه، وبيان ذلك أن الخارج عن هذا العنوان أعني المسلم المحق منحصر في أفراد ثلاثة: أحدها من أنكر شيئا " من ضروريات الدين كالأفراد المتقدم ذكرها، وهم موافقون على خروجها عن هذا العنوان بل عن عنوان المسلمين، لأنهم كفار عندهم بلا اشكال.
وثانيها أفراد المخالفين من العامة، ومن يتبعهم من فرق الزيدية وغيرهم وهؤلاء وإن كانوا عندهم من المسلمين، إلا أنهم عند ابن إدريس وجملة من محققي المتقدمين من الكفار باليقين، وهو الحق كما تقدمت الإشارة إليه، ومحل اعتراضهم هنا نشأ من هذا الفرد، مع أن مذهبه فيه ما عرفت من القول بالكفر