وفيه ما عرفت من ثبوت المنافاة، قوله وإنما يكون منافيا " لو لم يكن الوقف قابلا " لمثل هذا الشرط محض مصادرة، فإن الخصم يدعي أنه غير قابل، وبما حققناه في المقام يظهر لك أن جميع أجوبتهم عن حجج القول الثاني لا يخرج عن المصادرة، وأن الأظهر هو بطلان العقد لبطلان الشرط المذكور، كسابقه من الشروط المتقدمة.
وثانيهما أنه على تقدير القول بصحة العقد كما هو المشهور، فإنه إن حصلت الحاجة ورجع في الوقف، فإنه يجوز الرجوع، ويبطل الوقف بلا خلاف بينهم، وإنما الخلاف فيما إذا لم يرجع حتى مات، فهل يبطل الوقف بالموت؟
لصيرورته قبله بالشرط المذكور حبسا "، فيرجع بعد الموت إلى ورثة الواقف، أم يستمر الوقف على حاله؟ قولان: نقل عن الشيخ وجماعة منهم المحقق والعلامة الأول، عملا " بالرواية المتقدمة وهي صحيحة إسماعيل بن الفضل الأولى، بناء منهم على دعوى دلالتها على صحة الوقف وعدم بطلانه بمجرد هذا الشرط، ولكن هذا الشرط حيث كان منافيا " للدوام الذي هو من شروط الوقوف كان من قبيل الحبس فيبطل بالموت، وقد عرفت ما فيه، وأنه لا دلالة في الرواية على ما ادعوه.
وقيل: بالثاني وبه صرح المرتضى: (رضي الله عنه) واختاره في المختلف، قال المرتضى (رضي الله عنه) معترضا " على نفسه في تتمة كلامه الأول بأن هذا شرط يناقض كونه وقفا " وحبسا " بخلاف غيره من الشروط، وأجاب بأنه غير مناقض، لأنه متى لم يختر الرجوع فهو ماض على سبيله، ومتى مات قبل العود نفذ أيضا " نفوذا " تاما " وهذا الحكم ما كان مستفادا " قبل الوقف، فكيف يكون ذلك نقضا " لحكمه وقد بينا أن الحكم باق، انتهى وهو ظاهر في استمرار صحة الوقف بعد الموت، قال في المختلف: وهو الوجه عندي وتحمل الرواية على ما إذا رجع.
والتحقيق بالنظر إلى ما قدمناه حيث أنه لا دليل على الصحة هو بطلان الوقف وأن عوده ميراثا " إنما هو من هذه الحيثية، فلا أثر لهذا الخلاف، لبطلان الأساس