وجهين (أحدهما) أن ظاهر كلامه أنه إنما استند في منع صلاة النساء في الحرير إلى أن الرخصة إنما وردت لهن في لبسه ولم ترد بجواز صلاتهن فيه. ويرد عليه أنه يكفي في صحة صلاتهن فيه العمومات الآمرة باللباس وستر العورة مطلقا خرج ما خرج بدليل وبقي ما بقي، وحينئذ فيجوز لهن الصلاة فيه حتى يقوم دليل على المنع. و (ثانيهما) أن ما يؤذن به كلامه من أن الأخبار الواردة بالنهي عن الصلاة في الحرير المحض شاملة باطلاقها أو عمومها للرجال والنساء محل منع، فإن أكثر الأخبار إنما اشتملت على السؤال عن الرجل فموردها الرجال خاصة. وصحيحتا محمد بن عبد الجبار المتقدمتان وإن دلتا باطلاقهما على المنع من الصلاة في الحرير المحض إلا أنهما مبنيتان على سبب خاص وهو القلنسوة التي هي من لباس الرجال خاصة فيضعف الاستناد إليهما في ذلك بحمل اطلاقهما على ما يشمل النساء.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن ظواهر الأخبار في المسألة لا تخلو من اختلاف، ومنها موثقة ابن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: " النساء تلبس الحرير والديباج إلا في الاحرام " وقضية الاستثناء جواز لبسهن له في الصلاة.
وقد تقدم في صدر المقام قوله (عليه السلام) في رواية أبي داود يوسف بن إبراهيم (2) " وإنما يكره المصمت من الإبريسم للرجال ولا يكره للنساء " إلا أنه غير صريح في جواز الصلاة، ونحوها رواية ليث المرادي في أمر الرسول (صلى الله عليه وآله) لأسامة بقسمة حلة الحرير بين نسائه.
ومنها موثقة سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) (3) قال: " لا ينبغي للمرأة أن تلبس الحرير المحض وهي محرمة فأما في الحر والبرد فلا بأس " وفيها اشعار ما بعدم لبسه في الصلاة.
وما رواه في الخصال بسنده عن جابر الجعفي (4) قال سمعت أبا جعفر (عليه