بينهما وبين صحيحتي علي بن يقطن وعلي بن جعفر الدالتين على جواز الصلاة بين القبور.
ولقائل أن يقول من جانب القول بالتحريم إن صحيحتي علي بن يقطين وعلي بن جعفر إنما دلتا على جواز الصلاة بين القبور وهو أعم من التوجه إليها وعدمه فغايتهما الدلالة على ذلك بالاطلاق، والصحيحتان المعارضتان قد فصلتا بالفرق بين الصلاة خلالها فإنه جائز والصلاة إليها فإنه محرم، وقضية القاعدة المقررة حمل المجمل على المفصل والمطلق على المقيد. نعم قد ورد جواز الصلاة خلف القبر صريحا بالنسبة إلى قبور الأئمة (عليهم السلام) كما تقدم، فيجب تخصيص الصحيحتين المانعتين من الصلاة خلف القبور بها وإن لم يقل به الشيخان المذكوران ومن تبعهما، ويبقى ما عدا قبور الأئمة (عليهم السلام) تحت النهي المقتضي للتحريم من غير معارض ظاهر في المعارضة.
وبالجملة فالظاهر عندي من ضم الأخبار بعضها إلى بعض في هذه المسألة هو أنه تجوز الصلاة إلى قبور الأئمة على كراهة وأما غير الأئمة فالظاهر التحريم. وأما موثقة عمار المتقدمة فقد عرفت أن الأصحاب يحملونها على الكراهة جمعا بينها وبين صحيحتي علي بن يقطين وعلي بن جعفر، ويأتي على ما اخترناه من تخصيص الصحيحتين المذكورتين بالصلاة خلال القبور من غير استقبال شئ منها ثبوت الكراهة في الصورة المذكورة دون صورة الاستقبال فهو باق على ظاهر النهي والتحريم المفهوم من قوله في الخبر " لا يجوز " وحينئذ فقوله " لا يجوز " محمول على ظاهره بالنسبة إلى صورة الاستقبال وعلى الكراهة بالنسبة إلى ما عدا ذلك. وما يقال - من لزوم استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه وهو ممنوع عند الأصوليين - مدفوع بما قدمنا في غير موضع من وجود ذلك في الأخبار في مواضع لا تحصى، وقد صرح بجواز ذلك أيضا الشهيد في الذكرى في مسألة الصلاة في السنجاب والحواصل. هذا، وجملة من الأخبار المتقدمة أيضا مجملة في النهي عن الصلاة في المقابر وفي بعضها على القبر.
وبالجملة فإنا لم نجد في الأخبار معارضا صريحا لصحيحة زرارة ومعمر بن خلاد