والتسوية بين المتخاصمين في العدل في الحكم واجبة بلا خلاف في ذلك، وأما في الامور الباقية ففي وجوبها أو استحبابها خلاف بين الأصحاب، والمنقول عن الأكثر الوجوب، استنادا إلى الأمر في رواية عامية ورواية ضعيفة (1). وقيل: إن ذلك مستحب واختاره العلامة في المختلف (2) للأصل واستضعاف سند الوجوب، وصلاحيته للاستحباب.
وذكر الأصحاب أن عليه التسوية بينهما في الأعمال الظاهرة، وأما التسوية بينهما بقلبه بحيث لا يميل إلى أحدهما فغير مؤاخذ به ولا يحاسب عليه.
وعلل بأن الحكم على القلب غير مستطاع، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قسم بين نسائه يقول: «هذا قسمي فيما أملك، وأنت أعلم بما لا أملك» يعني الميل القلبي (3) وفيه تأمل. وبعض الأخبار يدل على خلاف ما ذكروا.
الثاني: قالوا ولا يجوز أن يلقن أحد الخصمين ما فيه ضرر على خصمه، ولا أن يهديه لوجوه الحجاج، لأن ذلك يفتح باب المنازعة، وقد نصب لسدها. وفي التعليل تأمل، ولا أعرف على أصل الحكم حجة، فللتأمل فيه مجال. ويجوز له الاستفسار وإن أدى إلى صحة الدعوى.
الثالث: قالوا: إذا سكت الخصمان استحب أن يقول لهما: تكلما، أو: ليتكلم المدعي، والمشهور أنه يكره تخصيص أحدهما بالخطاب، وظاهر بعضهم التحريم.
الرابع: إذا ترافع الخصمان وكان الحكم واضحا لزم القضاء. قالوا: ويستحب ترغيبهما في الصلح، وهو غير بعيد، فإن أبيا إلا المناجزة حكم بينهما، وإن أشكل أخر الحكم حتى يتضح.
الخامس: قالوا إذا ورد الخصوم مترتبين بدأ بالأول فالأول، والاعتبار بسبق المدعي، وإن جاؤوا معا أو جهل الترتيب اقرع بينهم، فإن عسر الإقراع بسبب