خصومة في الحال حرم قبول هديته، لأنه يدعو إلى الميل، وينكسر به قلب خصمه، وإن لم يكن له خصومة، فإن لم يعهد منه الهدية قبل تولي القضاء حرم قبول هديته في محل ولايته، لأن هذه هدية سببها العمل ظاهرا. وقد روي أنه (صلى الله عليه وآله) قال: «هدايا العمال غلول» وفي رواية: «هدية العامل سحت». وروى أبو حميد الساعدي، قال: استعمل النبي (صلى الله عليه وآله) رجلا من الأسد يقال له: اللتيبة على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا اهدي لي، فقام النبي (صلى الله عليه وآله) على المنبر فقال:
ما بال العامل نبعثه على أعمالنا يقول: هذا لكم وهذا اهدي لي، فهلا جلس في قعب بيته أو في بيت امه ينظر أيهدى له أم لا، والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منها شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمل على رقبته الحديث. ولا ينافي ذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله): «لو اهدي إلي كراع لقبلته» لأنه معصوم عن تغيير حكم بهدية، بخلاف غيره. ولو كانت الهدية في غير حال حكومة ممن جرت عادته بذلك قبل تولي القضاء، كالقريب والصديق الملاطف، فإن أحس أنه يقدمها لحكومة بين يديه فكذلك وإلا حلت على كراهية. هذا خلاصة ما نقل من المبسوط (1).
واستحسنه الشهيد الثاني (2). والحجة على هذه التفاصيل غير واضحة عندي، والاستناد إلى الأخبار التي نقلها لا يخلو عن إشكال، لأن الظاهر كونها أخبارا عامية، والقدر الثابت أن الرشوة حرام والهدية جائزة.
فلابد من تحقيق الفرق بينهما، فذكر بعضهم أن الرشوة هي التي يشترط بأدائها الحكم بغير الحق والامتناع من الحكم بالحق (3). ويناسب هذا ما ذكره المحقق من اختصاص تحريمها لطلب التوصل إلى الحكم بالباطل دون الحق (4).
ونقل عن جماعة تحريمها على التقديرين، خصوصا في جانب المرتشي (5)