وفيه نظر، لأن ظاهر قوله (عليه السلام): «وعرف أحكامنا» العموم، فلا يكفي معرفة بعض الأحكام، ومعرفة الأحكام من الأحاديث يتوقف في بعض الأحيان على العرض على القرآن، فلابد من معرفته، ويتوقف على معرفة مذاهب العامة والخاصة والعلوم المعتبرة في الاجتهاد، فيقتضي الاجتهاد المطلق، وأما رواية أبي خديجة «قال: بعثني أبو عبد الله (عليه السلام) إلى أصحابنا فقال: قل لهم: إياكم إذا وقعت بينكم خصومة أو تدارى بينكم في شيء من الأخذ والعطاء أن تتحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق، اجعلوا بينكم رجلا ممن قد عرف حلالنا وحرامنا، فإني قد جعلته قاضيا، وإياكم أن يتحاكم بعضكم بعضا إلى السلطان الجائر» (1) الحديث، ففيه إجمال، وظاهره اعتبار معرفة القدر المعتد به من الأحكام.
وعلى ما ذكرنا لا يكفي في أهلية القضاء العلم بفتاوى العلماء، لا أعرف فيه خلافا بينهم.
ويستفاد من خبر عمر بن حنظلة وأبي خديجة وغيرهما عدم جواز الترافع إلى قضاة الجور، سواء كانوا مؤمنين أم لا. ويستفاد من الخبرين عدم جواز أخذ شيء بحكمهم وإن كان له حقا، وهو في الدين ظاهر، وفي العين لا يخلو عن إشكال، لكن مقتضى الخبرين التعميم.
وصاحب المسالك وغيره استثنى من الحكم بتخطئة المتحاكم إلى أهل الجور ما لو توقف حصول حقه عليه، فيجوز. كما يجوز الاستعانة على تحصيل الحق بغير القاضي قال: والنهي في هذه الأخبار وغيرها محمول على الترافع إليهم اختيارا مع إمكان تحصيل الغرض بأهل الحق (2) قال: وقد صرح به في خبر أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين