والأقرب أنها محرمة على المرتشي مطلقا، وعلى الراشي أيضا كذلك إلا في صورة واحدة، وهي: أن يكون محقا ولا يمكن وصوله إلى حقه بدونها، ففي هذه الصورة ذهب جماعة من الأصحاب إلى عدم التحريم بالنسبة إلى الراشي (1).
ونقل في المختلف عن أبي الصلاح المنع من التوصل بحكم مخالف الحق إلى الحق إذا كان الغريمان من أهل الحق، فإن كان أحدهما مخالفا جاز (2).
ومنع العلامة ذلك مستندا إلى أن للإنسان أن يأخذ حقه كيف أمكن (3). وفيه إشكال، لعموم النصوص الدالة على المنع من الترافع إلى المخالفين، ولأن ذلك يوجب الإعانة على الحرام كما مر.
والظاهر أن الحاكم إذا لم يكن مخالفا ولم يكن أهلا للحكم كان حكمه كذلك، فالحكم بالجواز بالنسبة إلى الراشي إذا كان التوصل إلى الحق متعذرا بدونه مشكل.
والأظهر في الفرق بين الرشوة والهدية أن دفع المال إلى القاضي ونحوه من العمال إن كان الغرض منه التودد أو التوسل بحاجة من العلم ونحوه فهو هدية، وإن كان الغرض منه التوسل إلى القضاء والعمل فهو رشوة.
والفرق بينها وبين أخذ الجعل من المتحاكمين أو أحدهما - على القول بجواز ذلك - أن الغرض من الرشوة الحكم لباذلها على التعيين دون الجعل عند من يجوزه على بعض الوجوه.
والمصرح به في كلام الأصحاب وجوب الإعادة على المرتشي، وأنه لابد من دفعه فوريا مع وجود العين، ومع التلف عوضها مثلا أو قيمة، سواء كان بتفريطه أم لا (4) وفيه خلاف لبعض العامة، حيث ذهب إلى أنه يملكها وإن فعل حراما،