الإمامية على أن الإمام يحكم بعلمه (١).
واختلفوا في غيره من الحكام، فالأشهر أنه يحكم بعلمه أيضا مطلقا. وقال ابن إدريس: يجوز حكمه في حقوق الناس دون حقوق الله (٢). ونقل في المسالك عن ابن الجنيد في كتابه الأحمدي عكس ذلك، حيث نقل عنه: ويحكم الحاكم في ما كان من حدود الله عز وجل بعلمه ولا يحكم فيما كان من حقوق الناس إلا بالإقرار أو البينة فيكون بما علمه من حقوق الناس شاهدا عند من فوقه كشهادة الرجل الواحد، سواء كان ما علمه من ذلك كله في حال ولايته أو قبلها. ويظهر من كلام المرتضى أن ابن الجنيد لا يرى قضاء الحاكم بعلمه مطلقا، سواء في ذلك الإمام وغيره.
ونقل الأصحاب عنه أن الحاكم لا يحكم بعلمه في شيء من الحقوق والحدود (٣).
حجة الأول عموم الأدلة الدالة على الحكم مع وجود الوصف المعلق عليه، كقوله تعالى: ﴿والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما﴾ (٤) ﴿الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة﴾ (5) والخطاب للحكام، وهذا لا يجري في الحقوق.
واستند في التعميم إلى دعوى الأولوية، وفيه منع.
ويمكن التمسك فيه بأنه إذا وجب على أحد المتخاصمين إيفاء حق صاحبه وعلم الحاكم ذلك لزمه الإجبار على ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن يشكل الحكم فيما لو جهل المدعى عليه بالحق، والاستناد إلى أن العلم أقوى من الشاهدين اللذين لا يفيد قولهما عند الحاكم إلا مجرد الظن إن كان، فيكون القضاء بالعلم ثابتا بطريق أولى، وفيه نظر.