الثانية: لو حفر بئرا أو استنبط عينا في بعض الأراضي المباحة لا بنية التملك بل لينتفع به أو لعموم الانتفاع به فالظاهر أنه لا يملكه كما قطعوا به، لكن في الأول يصير الحافر أولى بها من غيره مدة بقائه عليها، فإذا تركها حل لغيره الانتفاع بمائها، فلو عاد الأول بعد الإعراض ففيه وجهان. والأشهر أنه يساوي غيره. والظاهر أنه لا حاجة إلى نية التملك في المستنبط في الأرض المملوكة، بل يملكها تبعا.
الثالثة: ما حكم بملكه من الماء يجوز بيعه كيلا ووزنا للانضباط، وكذا يجوز مشاهدة إذا كان محصورا. وأما بيع ماء العين والبئر أجمع فالأشهر منعه، لكونه مجهولا وكونه يزيد شيئا فشيئا، فيختلط المبيع بغيره.
وفي الدروس جوز بيعه على الدوام، سواء كان منفردا أو تابعا للأرض (1).
وعلى هذا القول يجري فيه الصلح أيضا، لاتساع دائرة الصلح بالنسبة إلى البيع.
وهذا القول غير بعيد، نظرا إلى الأخبار المذكورة.
الرابعة: إذا حفر نهرا وأوصله بالنهر المباح فدخل فيه الماء فلا أعرف خلافا في أولوية الحافر بالماء المذكور. فليس لأحد أن يزاحمه فيه، ولا في ملكية الأرض المحفورة، فيجوز له بيعها وهبتها فيترتب عليه أولوية الماء الداخل فيها.
إنما الخلاف في ملكية الماء الداخل فيها، فالمشهور بين الأصحاب خصوصا المتأخرين أنه يملكه كما يملك الماء الخارج بحفر البئر والعين.
وعن الشيخ في المبسوط أنه لا يملك بذلك، لأنه مباح دخل في ملكه، فيبقى على أصل الإباحة (2) وبالأخبار (3) العامية التي اشير إليها سابقا، وإنما يكون الحافر أولى به. وفرع عليه ما إذا كان الحافر للنهر جماعة ولم يسع سقيهم دفعة ولا تراضوا على المهاياة فيه، فإنه يقسم بينهم على قدر أرضهم لا على قدر عملهم ولا