والوجه أن نقول: إن الدين مقدم على العتق: لأنا قد بينا أن تصرفات المريض تخرج من الثلث، ولا بأس بحمل الروايات على ما قاله ابن حمزة:
(بأنه أعتق نصفه) لكن يبنى على أن تصرفات المريض تخرج من الأصل.
ويؤيد ما اخترناه من بطلان العتق ما رواه الحلبي أنه قال في الرجل يقول: إن مت فعبدي حر وعلى الرجل دين، قال: إن توفي وعليه دين قد أحاط بثمن العبد بيع العبد، وإن لم يكن أحاط بثمن العبد استسعي العبد في قضاء دين مولاه، وهو حر إذا وفاه (1).
مسألة: قال الشيخ في النهاية: إذا كان العبد معه مال فأعتقه صاحبه فإن كان عالما بأن له مالا كان المال للعبد، وإن لم يكن عالما بأن له مالا كان ماله له دون العبد، فإن علم أن له مالا وأراد أن يستثنيه كان له ذلك، إلا أنه لا يبدأ بالحرية أولا بل يبدأ فيقول: لي مالك وأنت حر، فإن قال: أنت حر ولي مالك لم يكن له على المال سبيل، وإذا باع العبد وعلم أن له مالا كان ماله لمن ابتاعه، وإن لم يكن عالما بذلك كان المال له دون المبتاع. والعبد المملوك لا يملك شيئا من الأموال ما دام رقا، فإن ملكه مولاه شيئا ملك التصرف فيه بجميع ما يريده. وكذلك إذا فرض عليه ضريبة يؤديها إليه، وما يفضل بعد ذلك يكون له جاز ذلك، وإذا أدى إلى مولاه ضريبته كان له التصرف فيما بقي من المال. وكذلك إذا أصيب العبد في نفسه بما يستحق به الأرش كان له ذلك وحل له التصرف فيه، وليس له رقبة المال على وجه من الوجوه، فإن تزوج من هذا المال أو تسرى كان ذلك جائزا. وكذلك إن اشترى مملوكا فأعتقه كان العتق ماضيا، إلا أن يكون سائبة لا يكون ولاؤه له، ولا يجوز له أن يتوالى إليه،