فجاء بخمسمائة قبل الأجل وقال: خذ هذه على أن تبرئني من الباقي لم يصح، لأنه (1) مضارع لربا الجاهلية، لأنه ينقص من الحق لينقصه من الأجل، وربا الجاهلية كان يزيده في الحق ليزيده في الأجل، فإن قبض المال لم يصح قبضه، لأنه إنما دفعه بشرط أن يبرئه (2) من مال الكتابة، فأما إذا قال له: خذ هذه (3) وأبرئني من الباقي إن شئت ففعل ذلك وأبرأه صح القبض والإبراء (4)، لأنه دفع مطلقا من غير شرط (5) (6).
والوجه التسوية بين المسألتين في الجواز ولا ربا هنا، لأن حقيقة الربا بيع أحد المتجانسين بجنسه مع زيادة عينية أو حكمية، وذلك منتف هنا.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا كان للمكاتب على سيده ما وحل للسيد شئ من النجوم فإن كان الحقان من جنس واحد من النقود تقاصا، وإن اختلف الجنس أو كانا من غير النقود فإن أحدهما لا يصير قصاصا عن الآخر، ثم (7) إن كان المالان نقدين لم يحتج (8) إلى قبض الحقين معا، بل قبض أحدهما ما عليه من صاحبه ثم يرده عليه عوضا عن ماله في ذمته، لأن دفع العرض (9) عن الدراهم والدنانير التي في الذمة يجوز، وإن كانا عرضين فلا بد أن يقبض كل واحد منهما ماله على صاحبه، ولا يجوز أن يقبض أحدهما ثم يرد ما قبضه عليه الآخر عوضا عما له عليه، لأن هذا العرض (10) الذي في الذمة ثابت في أحد الجنسين (11) عن سلم، فإن المكاتب لا يجوز له أن يعوض ما في يده