وقال ابن إدريس: ما ذكره الشيخ في مبسوطه قوي، لعرف العادة، وما ذكره في الخلاف أقوى، للآية، لأن عرف الشرع إذا طرأ على عرف العادة كان الحكم لعرف الشرع (1).
والمعتمد ما قلناه في المسائل السابقة من البناء على العرف.
مسألة: قال الشيخ في الخلاف: إذا حلف لا شربت من نهر لا شربت من دجلة فمتى شرب من مائها سواء غرف بيده أو في كوز أو غيره أو كرع فيها كالبهيمة حنث (2).
وقال في المبسوط: إذا حلف لا شربت من النهر لا شربت من دجلة فمتى شرب من مائها حنث، سواء غرف بيده أو في كوز أو غيره على أي وجه شرب منها أو كرع فيها كالبهيمة، وقال بعضهم: لا يحنث حتى يكرع منها كالبهيمة، لأنه إذا شرب غرفا بيده فما شرب منها وإنما شرب من يده، وهو الأقوى عندي (3).
وقال ابن إدريس: ما ذكره في المبسوط هو الذي يقوى في نفسي، لأن الأصل براءة الذمة، والكلام في الحقائق دون المجاز، وهذا هو الحقيقة وما عداه مجاز (4).
واحتج الشيخ على قوله في الخلاف بأن معنى هذا الكلام لا شربت من مائها، فبهذا جرت العادة، لأن دجلة عبارة عن قرارها ومكان جري الماء فيه، والقرار لا يمكن الشرب منه، فلو لزم ما قالوه للزم إذا شرب بفيه كالبهيمة لا يحنث أيضا، لأنه إنما شرب من فيه فإنه يأخذ الماء بفيه أولا فيصير فيه، ولا يحنث حتى يزدرده، بدليل أنه لو أخذه بفيه ومجه من فيه لم يحنث، ثبت أن