مسألة: قال المفيد - رحمه الله -: وإذا شهد عند الحاكم من لا يخبر حاله ولم يتقدم معرفته به وكان الشاهد على ظاهر العدالة تقدم (1) يكتب شهادته ثم ختم عليها، ولم ينفذ الحكم بها حتى يستثبت أمره ويتعرف أحواله من جيرانه ومعامليه، ولا يؤخر ذلك، فإن عرف له ما يوجب جرحه أو التوقف في شهادته لم يمض الحكم بها، وإن لم يعرف شيئا ينافي عدالته وإيجاب الحكم بها أنفذ الحكم ولم يتوقف (2). وهو يعطي وجوب الاستزكاء في جميع الأحكام.
وقال الشيخ في الخلاف: إذا شهد عند الحاكم شاهدان يعرف إسلامهما ولا يعرف فيهما جرح حكم بشهادتهما، ولا يقف على البحث إلا أن يجرح المحكوم عليه بأن يقول: هما فاسقان فحينئذ يجب عليه البحث، وبه قال أبو حنيفة في الأموال والنكاح والطلاق والنسب، وإن كانت في قصاص أو حد لا يحكم حتى يبحث عن عدالتهما، ومنع الشافعي وأبو يوسف ومحمد عن الحكم حتى يبحث عنهما، فإن عرفهما عدلين حكم، وإلا توقف في جميع الأشياء.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا الأصل في الإسلام العدالة، والفسق طار عليه يحتاج إلى دليل، وأيضا نحن نعلم أنه ما كان البحث في أيام النبي - صلى الله عليه وآله - ولا أيام الصحابة ولا أيام التابعين، وإنما هو شئ أحدثه شريك بن عبد الله القاضي، فلو كان شرطا ما أجمع أهل الأعصار على تركه (3).
وقال في المبسوط: إن عرف عدالتهما حكم بشهادتهما، وإن عرفهما فاسقين ظاهرا أو باطنا لم يحكم بشهادتهما، وإن لم يعرفهما بل جهل حالهما - والجهل على ضربين: أحدهما: ألا يعرفهما أصلا، والثاني: أن يعرف إسلامهما دون عدالتهما - لم يحكم بشهادتهما حتى يبحث عن عدالتهما، وسواء كان ذلك في حد أو