وقال ابن إدريس: إذا رجعا بعد الحكم غرما ما شهدا به، سواء كان الشئ قائما بعينه أولا (١).
وهو اختيار الشيخ في المبسوط (٢)، وهو المعتمد. ولا فرق إذا رجعا بعد الحكم بين أن يرجعا قبل الاستيفاء أو بعده.
لنا: إن الحكم قد نفذ بالاجتهاد، وهو تغليب صدقهم في الشهادة، فلا ينقض بالاحتمال، وهو جواز كذبهم في الرجوع.
ولأن شهادتهم إثبات حق يجري مجرى الإقرار، وفي رجوعهم نفي ذلك الحق الجاري مجرى الإنكار، ولما لم يبطل الحكم بالإقرار بحدوث الإنكار لم يبطل الحكم بالشهادة، لحدوث الرجوع.
ولأن رجوعهما ليس شهادة (٣) منهما، ولهذا لا يفتقر إلى لفظ الشهادة، فلا يسقط حقه بما ليس بشهادة ولا إقرار منه.
ولأن أثبتت الحق، فلا يزول بالطارئ كالفسق والموت احتجوا بأن الحق ثبت بشهادتهما، فإذا رجعا سقط، كما لو كان قصاصا.
والجواب: الفرق ظاهر، فإن القصاص يسقط بالشبهة، بخلاف الحق المالي.
مسألة: قال ابن الجنيد: لا يجوز شهادة بدوي على حضري، إلا في ما كان بالبادية ولم يحضره حضري، أو في القتل الذي لم يحضره أهل الحضر، وباقي علمائنا لم يمنعوا من شهادة البدوي على الحضري مع استجماع الشرائط وهو المعتمد، لعموم: ﴿وأشهدوا ذوي عدل منكم﴾ (4).
مسألة: المشهور عند علمائنا أن شهادة المختبئ جائزة.
وقال ابن الجنيد: وإنما يجوز له الحكاية لما شهده من الإقرار إذا كان المقر