لو سمع من الأصل ثم فسق لم يحكم بشهادته، لأن الفرع يثبت بشهادة الأصل، فإذا فسق الأصل لم يكن هناك ما يثبته (1).
والأقرب عندي عدم الحكم.
لنا: أنهما فاسقان حال الحكم، فلا يجوز الحكم بشهادتهما كما لو رجعا، وكما لو كانا وارثين ومات المشهود له قبل الحكم.
ولأن تطرق الفسق يضعف ظن العدالة السابقة الخفية، فكان الاحتياط ترك الشهادة. واستدلال الشيخ مصادرة، لأنه ادعى أن الاعتبار بالعدالة حين الشهادة لا حين الحكم، وهو عين المتنازع. وقوله: (إذا شهدا وهما عدلان وجب الحكم بشهادتهما) ليس على إطلاقه، فإنه المتنازع. بل إذا استمرت العدالة إلى وقت الحكم، أما إذا خرج عن هذا الوصف فإنه المتنازع.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا ادعى على سيده أنه أعتقه وأقام شاهدين لم يعرف الحاكم عدالتهما فطلب أن يفرق بينه وبين مولاه حتى يبحث عن العدالة قال قوم: يفرق بينهما، وقال قوم: لا يفرق. والأول أقوى، لأن العبد فعل ما يجب عليه من إقامة بينة كاملة، وإنما بقي ما ليس عليه من البحث عن حال الشهود، ولأن الظاهر العدالة حتى يثبت الجرح، ولأن المدعي قد يكون أمة، فإذا لم يفرق بينهما لم يؤمن أن يواقعها، وإن جاء بشاهد واحد وقال: أنا آتيك بآخر قال قوم: يفرق بينهما، وقال آخرون: لا يفرق، لأنه لم يأت بالبينة التامة. وكذا كل حق لا يثبت إلا بشاهدين كالنكاح والطلاق والقصاص إن أتى بشاهدين حبسنا له خصمه، وإن أتى بشاهد واحد، فهل يحبس حتى يأتي بآخر؟ على القولين، وإن كان يثبت بشاهد ويمين، منهم من قال: على قولين