عند سؤال السائل له عن دم السمك فقال: لا بأس بدم ما لم يذك. ولأن إجماع أصحابنا على تحريم أربعة عشر شيئا من الشاة المذكاة، وعلى أن السمك لا يحرم منه شئ، فلو كان صيده ذكاة حقيقة لحرم منه ما حرم من الشاة المذكاة ذكاة حقيقة، وأحد لا يقول به (1).
وهذا كله تطويل من ابن إدريس لا حاجة له إليه، مع أنه غير ناهض له بما يريده، لمنع عدم إطلاق التذكية عليه حقيقة أولا. سلمنا، لكن نمنع أن المراد هنا الحقيقة لا غير، وتحريم الأشياء المعدودة في الشاة لا باعتبار التسمية في الذكاة حتى يلحق بها كل ما يذكى من السمك والجراد وغيرهما، ولو أنه عول في الرد على إجماع أصحابنا فإن أحدا ممن سبق لم يمنع من أكل السمك الذي صاده الكافر إذا شاهده حيا في يده ومات في غير الماء، وبالأخبار الدالة على ذلك كان أولى.
وشيخنا المفيد - رحمه الله - وإن قال في المقنعة: (إنه لا يؤكل ما صاده المجوس وأصناف الكفار) (2) فالظاهر أنه يريد ما قلناه.
مسألة: قال الشيخ في النهاية: وإذا نصب الإنسان شبكة في الماء يوما وليلة وما زاد على ذلك ثم قلعها وقد اجتمع فيها سمك كثير جاز له أكل جميعه وإن كان يغلب على ظنه أن بعضه مات في الماء، لأنه لا طريق له إلى تمييزه من غيره، فإن كان له طريق إلى تمييز ما مات في الماء مما لم يمت فيه لم يجز له أكل ما مات فيه، وكذلك ما يصاد في الحظائر ويجتمع فيه جاز أكل جميعه مع فقد الطريق إلى تمييز الميت من الحي (3). وتبعه ابن البراج (4).