شهدت بينة المدعي بأن عمرا باعها منه أو وقفها لم يحكم له بالملك بذلك، لأن الإنسان قد يفعل فيما ليس بملك له، فلا يزيل الملك عن يد المدعى عليه بأمر متوهم، فكيف يحكم بعد ذلك بانتزاعها من يد المالك ظاهرا بشهادة أنها كانت في يد البائع.
والوجه أنه لا يلتفت إلى هذه البينة إن قلنا: بعدم الالتفات لو شهدت باليد القديمة فإنها هي الحقيقة.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا ادعى دارا في يد رجل فقال: هذه الدار التي في يدك لي وملكي فأنكر المدعي عليه فأقام المدعي بينة أنها كانت في يده أمس أو منذ سنة سواء فهل تسمع هذه البينة أم لا؟ قال قوم: هي غير مسموعة، وقال آخرون: مسموعة ويقضي بها للمدعي، ولا فصل بين أن تشهد البينة له بالملك أمس وبين أن تشهد له باليد أمس. والصحيح عندنا إن هذه الدعوى غير مسموعة، فمن قال: هي مسموعة حكم بالدار للمدعي، ومن قال:
غير مسموعة فلا بينة مع المدعي فيكون القول قول المدعى عليه مع يمينه (1).
وكذا قال في الخلاف فإنه قال: إذا ادعى دارا في يد رجل فقال: هذه الدار التي في يدك لي وملكي فأنكر المدعى عليه فأقام المدعي البينة أنها كانت في يده أمس أو منذ سنة لم تسمع هذه البينة، وهو أحد قولي الشافعي، والثاني له أنها تسمع. دليلنا: إن المدعي يدعي الملك في الحال والبينة تشهد له بالأمس فقد شهدت له بغير ما يدعيه فلم تقبل، فإن قالوا: إنها شهدت له بالملك أمس والملك مستدام إلى أن يعلم زواله، قلنا: لا يعلم أن الملك ثبت بها حتى يكون مستداما على أن زوال الأول موجود فلا يزال الثابت بأمر محتمل (2).