الحنطة أو من هذه الحنطة فإن أكلها على جهتها حنث، وإن غيرها بأن طحنها وجعلها دقيقا أو قلاها فجعلها سويقا فأكل منه لم يحنث عندنا، وإن حلف لا يأكل من هذا الدقيق فخبزه وأكل منه لم يحنث.
والوجه عندي الحنث في ذلك كله، لما بينا من أن مبني الأيمان على العرف، وإضافة الأكل إلى الحنطة إنما يكون على هذا الوجه، وكذا الدقيق.
وبه قال ابن البراج، قال: لأن العين التي تعلقت بها اليمين واحدة، قال:
وكان الشيخ أو جعفر محمد بن الحسن الطوسي - رحمه الله - قد قال لي يوما في الدرس: إن أكلها على جهتها حنث، وإن أكلها دقيقا أو سويقا لم يحنث، فقلت له: ولم ذلك وعين الدقيق هي عين الحنطة وإنما تغيرت بالتقطيع الذي هو الطحن؟ فقال: قد تغيرت عما كانت عليه، وإن كانت العين واحدة فقد حلف على ألا يأكل ما هو مسمى حنطة لا ما يسمى دقيقا، فقلت له: هذا لم يجر في اليمين، فلو حلف لا أكلت هذه الحنطة ما كان يسمى حنطة لكان الأمر على ما ذكرت، وإنما حلف ألا يأكل هذه الحنطة أو من هذه الحنطة، فقال: على كل حال قد حلف ألا يأكلها وهي على صفة وقد تغيرت عن تلك الصفة لم يحنث، فقلت له: الجواب هاهنا مثل ما ذكرناه أولا، وذلك إن كنت تريد أنه حلف ألا يأكلها وهي على صفة أنه أراد وهي على تلك الصفة فقد تقدم ما فيه، وإن كنت لم ترد ذلك فلا حجة فيه ثم يلزم على ما ذكرته أنه لو حلف ألا يأكل هذا الخيار أو هذا التفاح ثم قشره وقطعه وأكله ألا يحنث ولا شبهة في أنه يحنث، فقال: من قال في الحنطة ما تقدم فقوله في الخيار والتفاح مثله، قلت له: إذا قال: هذا مثل ما قاله في الحنطة علم فساد قوله، لما ذكرته:
من أن العين واحدة، اللهم إلا أن يشترط في يمينه أنه لا يأكل هذا الخيار أو هذا التفاح وهو على ما هو عليه فإن الأمر يكون على ما ذكرته، وقد قلنا: إن اليمين لم يتناول ذلك، ثم قلت له: على أن الاحتياط يتناول ما ذكرته