احتج الشيخ على ما اختاره في النهاية بما رواه أبو الصباح الكناني، عن الصادق - عليه السلام - قال: سألته عن القاذف بعد ما يقام عليه الحد ما توبته؟ قال: يكذب نفسه، قلت: أرأيت إن أكذب نفسه وتاب أتقبل شهادته؟ قال: نعم (1).
وعن ابن سنان، عن الصادق - عليه السلام - قال: سألته عن المحدود إن تاب أتقبل شهادته؟ فقال: إذا تاب وتوبته أن يرجع مما قال ويكذب نفسه عند الإمام وعند المسلمين، فإذا فعل فإن على الإمام أن يقبل شهادته بعد ذلك (2).
والوجه عندي التفصيل، فإن كان كاذبا كانت توبته التصريح بالكذب والاعتراف به حقيقة، وإن كان صادقا اعترف بتحريم ما قاله، وأظهر الاستغفار منه من غير أن يصرح بالكذب، وتحمل الأخبار على هذا التفصيل.
مسألة: قال الشيخ في النهاية: لا بأس بشهادة القاذف إذا تاب وعرفت توبته وحد توبته من القذف أن يكذب نفسه في ما كان قذف به، فإذا فعل ذلك جاز قبول شهادته بعد ذلك (3).
وقسم في المبسوط القذف إلى شيئين: قذف سب ويفتقر عدالته التي يقبل بها شهادته إلى صلاح العمل عند قوم، وهو الأقوى، لقوله تعالى: (إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا) وقال آخرون: مجرد التوبة يجزئه وقذف شهادة، وهو أن يشهد بالزنا دون الأربعة فإنهم فسقة. والتوبة هنا أن يقول: قد ندمت على ما كان مني ولا أعود إلى ما اتهم فيه، ولا يقول: ولا أعود إلى ما